للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيي في مشارطة الطبيب على البرء

لا تجوز مشارطة الطبيب على البرء، سواء أكانت بصيغة الإجارة أم بصيغة الجعالة:

١ ـ لا تجوز مشارطة الطبيب على البرء بصيغة الإجارة؛ لأن فيها غررًا في محل العقد، وفي الشرط المقترن بالعقد؛ لأن المعقود عليه هو العلاج حتى البرء، وفي هذا غرر ناشئ عن الجهل بمدة العلاج، فقد يبرأ العليل بعد علاج يوم، وقد يبرأ بعد علاج أسبوع، وقد يبرأ بعد علاج شهر، هذا إذا برأ.

وفي عقد الإجارة هذا غرر آخر ناشئ عن الشرط، فالعليل يؤجر الطبيب على علاجه بشرط أن يبرأ من علته بمبلغ محدد، وهذا شرط فاسد مفسد للعقد، وسبب فساد هذا الشرط هو أنه شرط في وجوده غرر، فالبرء قد يحصل، وقد لا يحصل.

يقول الكاساني: من شروط صحة البيع (١) الخلو من الشروط الفاسدة، ثم يقول: والشروط الفاسدة أنواع: منها شرط في وجوده غرر، وهو أن يكون المشروط محتملاً للوجود والعدم، ولا يمكن الوقوف عليه للحال (٢) .

ولهذا فإني أرى عدم جواز إجارة الطبيب على العلاج مع اشتراط البرء لاستحقاقه الأجر.

٢ ـ ولا يجوز مشارطة الطبيب على البرء بصيغة الجعالة، لأن الجعالة كما عرفها ابن رشد هي: (الإجارة على منفعة مظنون حصولها) (٣) .

والجعالة جائزة عند جمهور الفقهاء، ويقول المجوزون للجعالة: إنها في القياس غرر، لما فيها من جهالة العمل، وجهالة الأجل؛ لأن العامل يستحق الجعل عند فراغه من العمل، وهو وقت مجهول، وإنما جازت استثناء للحاجة إليها (٤) .


(١) (الإجارة مثل البيع في هذا الحكم)
(٢) (البدائع: ٥ / ١٦٨)
(٣) (بداية المجتهد: ٢ / ٢٣٥)
(٤) (المقدمات الممهدات: ٢ / ٣٠٤؛ والمجموع: ٩ / ٣٣٩؛ والبحر الزخار: ٤ / ٦٢؛ وانظر أيضًا: كتاب الغرر وأثره في العقود، ص ٤٩٤ ـ ٤٩٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>