والحاجة التي تجعل الغرر غير مؤثر في عقود المعاوضات هي الحاجة المتعينة، ومعنى تعينها أن تنسد جميع الطرق المشروعة للوصول إلى الغرض سوى ذلك العقد الذي فيه غرر، وهذا المعنى غير متحقق في الجعالة على البرء، فالعليل يمكنه أن يتعاقد مع الطبيب بعقد الإجارة بشروطها الشرعية على العلاج، وهذا هو ما عليه عرف الناس، فلا حاجة إلى الجعالة على البرء، ثم إن البرء ـ كما يقول المانعون لمشارطة الطبيب على البرء ـ غير مقدور للطبيب، ولا يقدر عليه إلا الله (١) .
لهذا فإني أرى منع الجعالة على البرء ولو كان الدواء من العليل.
أما إذا كان الدواء على الطبيب فإن المنع يتأكد؛ لأن المجوزين لمشارطة الطبيب على البرء يشترطون ألا يكون الدواء على الطبيب، للأدلة التي ذكروها.
وحديث الرقية الذي استدل به مجوزو مشارطة الطبيب على البرء حديث صحيح، ولكن ليس فيه ما يدل على المدعى؛ لأن كل ما يدل عليه الحديث هو جواز أخذ الجعل على الرقية، وليس فيه ذكر للمشارطة على البرء. والله أعلم.