ثالثًا ـ حكم ما لو كان العقد بين الشخص، وبين المستشفى:
الحكم في هذه الصورة كالحكم في الصورة السابقة، وهو المنع؛ لأن في هذا العقد غررًا ناشئًا عن الجهل بنوع الدواء ومقداره، والجهل بالمدة التي يمكثها المريض في المستشفى، كما في الصورة السابقة، وفيه زيادة على ذلك غرر ناشئ عن الجهل بحصول العلاج، فقد يدفع الشخص المبلغ المتفق عليه، ولا يحتاج إلى علاج في المدة المحددة، وقد يموت ذلك الشخص في منزله، أو يموت بحادث في الطريق، ولا يكون المستشفى قد قدم له أي علاج، فبأي وجه يستحل المستشفى ما أخذه منه؟!
رابعًا ـ حكم ما لو توسطت شركة تأمين تجارية أو تعاونية في العلاقة بين المستفيدين والجهة المتعهدة بالعلاج:
لا يجوز توسط شركة تأمين تجارية بين المستفيدين والجهة المتعهدة بالعلاج في أي صورة من الصور؛ لأن التأمين الذي تمارسه شركات التأمين التجارية حرام بجميع أنواعه، وقد صدر بالتحريم قرار من المجمع الفقهي بمكة المكرمة، ومن مجمع الفقه الإسلامي بجدة.
أما توسط شركة تأمين تعاونية إسلامية فلا مانع منه؛ لأن التعامل مع شركات التأمين التعاونية الإسلامية جائز عند جميع الفقهاء المعاصرين، لكن يأتي السؤال عن الطريقة التي تتوسط بها شركة التأمين التعاونية، فإذا كان المقصود التوسط بين المؤسسة والمستشفى، أو بين الشخص والمستشفى بنفس الطريقة المذكورة في ثانيًا: وثالثًا، فإن ذلك لا يجوز؛ لأن تلك الطريقة ممنوعة لذاتها بصرف النظر عمن يتولاها.
والطريقة المشروعة للتوسط بين المؤسسة والمستشفى هي ما تمارسه بعض شركات التأمين التعاوني الإسلامية تحت نظام التكافل الصحي، وهذا النظام معمول به عندنا في السودان، مع نظام التأمين الحكومي، ولا تعارض بينهما؛ لأن بينهما فروقًا كثيرة منها: أن التأمين الصحي الحكومي من التأمين الاجتماعي، وهو إجباري، والتكافل الصحي من التأمين الخاص، وهو اختياري فالتكافل الصحي مكمل للتأمين الصحي، وليس بديلاً له، وإنما هو بديل للتأمين الصحي الذي تمارسه شركات التأمين التجارية.
ويقوم نظام التكافل الصحي على نفس الأسس التي يقوم عليها نظام التأمين التعاوني، والشركة لا تتعاقد مع المستشفى على معالجة المشتركين مسبقًا نظير مبلغ محدد، وإنما الذي يتعاقد مع المستشفى هو المشترك نفسه عندما يذهب للعلاج، ثم يطالب الشركة بمزايا التكافل الصحي المتفق عليها في العقد بينه وبين الشركة.