للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التأمين الصحي:

أشرنا في مطالع هذا البحث إلى تلك المكانة التي تحتلها الصحة في حياة البشر. . . هذه الصحة التي تعتبر اليوم حقًا من أهم حقوق الإنسان. وذكرنا كيف سبق الإسلام إلى ذلك قبل أربعة عشر قرنًا من الزمان. ولكن الأمر ليس مجرد اعتراف بمكانة الصحة، وإنما ينبغي وضع ذلك موضع التنفيذ العملي، وذلك بأن يكون في كل بلد نظام يكفل تمتع كل إنسان من سكانه بهذا الحق بلا استثناء.

وإذا كنا لا نكاد نجد في حكومات العالم في القرون الأخيرة، من نظم السبل لتوفير الرعاية الصحية على نطاق واسع، قبل المستشار الألماني بسمراك عام ١٨٨٣م، فإن في وسعنا أن نجد كثيرًا من الوقائع في الدولة الإسلامية تدل على وجود نظم من هذا القبيل، وتتجلى فيها مسؤولية الدولة عن صحة رعاياها.

والأمثلة التي ذكرناها من قبل في هذا البحث ـ ولا سيما سنة الخليفة الراشد المهدي الثاني عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ تدل على أن بيت المال كان يتكفل بالرعاية الصحية لمن هم دون حد الفقر، وذلك من الصدقات أي الزكاة كما ورد في أحد هذه الأمثلة، ولا شك في أن مساعدة الفقراء من المرضى مصرف من مصارف الزكاة، ولكن ورد في هذه الأمثلة أيضًا ما يدل على أن الدولة الإسلامية كانت تنفق على الصحة الوقائية ـ وهي أهم بكثير من التطبيب العلاجي ـ من بيت المال، ودليل ذلك ما كان ينفق على الأطفال جميعًا ـ بمن فيهم اللقطاء ـ منذ ولادتهم لتوفير رضاعهم وحسن تغذيتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>