للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أصبح من المؤسسات الثابتة في الدولة الإسلامية تلك البيمارستانات التي بدأ إنشاؤها منذ عهد الدولة الأموية واستمرت على مدى العصور، وبقي منها في كثير من بلدان المسلمين اليوم، ما يشهد بالمستوى الراقي الذي كانت عليه هذه المستشفيات ـ ومن ذلك البيمارستان النوري والبيمارستان المنصوري الباقيان إلى يومنا هذا ـ وما يشهد كذلك بالإنفاق الذي كانت تنفقه الدولة على مؤسسات الرعاية الصحية هذه، وفي كتاب (تاريخ البيمارستانات في الإسلام) للدكتور أحمد عيسى بك رحمه الله، تفاصيل مدهشة وأمثلة عجيبة عن كيفية إدارة هذه المستشفيات وصيانتها وترتيب العمل فيها وصيدلياتها وكيفية إطعام المرضى، والإنفاق على رواتب الأطباء ومساعديهم، وتعيين الأساتذة للتدريس فيها، وتعمير مكتباتها، ووقف الأوقاف عليها وغير ذلك كثير.

وصفوة القول: إن بيت مال الدولة الإسلامية كان يتكفل بالإنفاق على مؤسسات الرعاية الصحية والخمات الصحية، وإن كان من أهل الخير من أفراد المجتمع من وقف بعض الأوقاف للمشاركة في التمويل إضافة إلى ما وقفته الدولة كذلك. أما التطبيب الفردي في خارج هذه المؤسسات، فالظاهر أن كل مريض كن يدفع إلى الطبيب أجره وإلى العطار أو الصيدلي ثمن دوائه، ومما يؤيد ذلك ما نجده في وصايا كبار الأطباء في كتبهم إلى تلامذتهم أو من يقرأ كتبهم بالبر بالفقراء والتسامح معهم أو ـ كما قال صلاح الدين بن يوسف الكحال الحموي قبل سبعة قرون ـ: (. . وإن أمكنك أن تؤثر الضعفاء من مالك فافعل) وذلك بعد أن ذكر ما يؤمل للطبيب في الآخرة من الأجر والمجازاة من رب العالمين؛ لأن النفع المتعدي لخلق الله عظيم، خصوصًا للفقراء العاجزين) .

<<  <  ج: ص:  >  >>