٤ ـ وإذا تكفلت التأمينيات التعاونية الصغيرة بدفع أجور تطبيب المساهمين فيها، فلا حرج في ذلك ـ إن شاء الله ـ على الرغم من وجود جهالة واضحة من حيث ما سيستفيده كل عضو من أعضائها، إذ يرى عدد من كبار العلماء أن (التأمين التعاوني عقد من عقود التبرع التي يقصد بها أصالة التعاون على تفتيت الأخطار والاشتراك في تحمل المسؤولية عند نزول الكوارث، وذلك عن طريق إسهام أشخاص بمبالغ نقدية، تخصص لتعويض من يصيبه الضرر) . ولذلك يرون (أنه لا يضر جهل المساهمين في التأمين التعاوني بتحديد ما يعود عليهم من النفع؛ لأنهم متبرعون) .
٥ ـ وإذا تكفلت التأمينيات التعاونية الكبيرة بذلك، فلاحرج من باب أولى؛ لأن الجهالة تنتفي تمامًا أو تكاد بسبب قانون الأعداد الكبيرة، ولا حرج ـ إن شاء الله ـ في دفع جزء مما يتجمع من مساهمات الأعضاء لدفع تكاليف إدارة هذه التأمينيات الكبيرة، وأجور العاملين عليها، وما إلى ذلك مما تقتضيه إدارة عمل كبير. ولا حرج كذلك ـ إن شاء الله ـ في تثمير أموال هذه المؤسسة التأمينية في طريق حلال، فذلك أدعى إلى مزيد من ضمان التطبيب ولو زاد عدد المحتاجين إليه، وربما إلى تخفيض ما ينبغي دفعه من أقساط.
٦ ـ وإذا اشترك مع المنتفعين في هذه التأمينيات التعاونية (ولا سيما الكبيرة) طرف آخر، فهنا تختلف الآراء.
٧ ـ فإذا كانت الدولة هي الطرف الآخر، فإن عددًا من كبار العلماء يرحبون بذلك بل يحبذونه. (لأن الفكر الاقتصادي الإسلامي يترك للأفراد مسؤولية القيام بمختلف المشروعات الاقتصادية، ويأتي دور الدولة كعنصر مكمل لما عجز الأفراد عن القيام به، وكدور موجه ورقيب، لضمان نجاح هذه المشروعات وسلامة عملياتها) . . كما أن (صورة هذه الشركة المختلطة (مع الحكومة) لا يجعل التأمين كما لو كان هبة أو منحة من الدولة للمستفيدين منه، بل مشاركة منها معهم فقط، لحمايتهم ومساندتهم باعتبارهم هم أصحاب المصلحة الفعلية) .
على أنه لم يرد في آراء كبار العلماء هؤلاء ـ فيما نعلم ـ أي تحفظ على أن تستفيد الدولة في مقابل ذلك، ولا سيما بالاقتراض حين الحاجة من أموال المؤسسة التأمينية، وهو أمر تكاد جميع الحكومات تفعله.