للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تطور الطب تطورًا كبيرًا في عصرنا الحاضر، وأصبحت أجهزة التشخيص الضخمة الباهظة التكاليف والنفقات من أهم وسائله، وبلغت الأموال التي تنفق على البحث العلمي، وابتكار الأدوية واختراع الأجهزة مبالغ خيالية يكاد يعبر عنها بأرقام فلكية لضخامتها، وصارت الرعاية الصحية تتنوء بالدولة، في الوقت الذي أصبح المرض أعمق أثرًا في حياة الأمة، لما يحدثه المرض نفسه وما يخلفه من عجز أو إعاقة، من تعطيل لمجرى الحياة الاقتصادية وخفض للإنتاجية وعرقلة للتنمية، ولما للتلكؤ في معالجة بعض الأمراض من أثر في انتشار بعض الأوبئة، ولما للتقصير في الوقاية من الأمراض التي يمكن توقيها من عبء مرضي كبير تتحمله الأمة قاطبة.

من أجل ذلك تفتقت أذهان الناس في مختلف البلدان عن وسائل يستطيعون بها التعاون على درء عادية المرض وعلاج مصيبته، وهو نوع من التعاون على البر الذي أمر الله ـ عز وجل ـ به، وبيَّنه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأمثلة عملية كثيرة.

والغالب في صور التعاون جميعًا، أن الدولة تبقى هي المسؤولة الرئيسية عن الوقاية من الأمراض ومكافحتها، وعن تشخيص الأمراض ومعالجتها، وأن مؤسسات متعددة تقوم إلى جانبها بدعم ومساندة ما تضطلع به الدولة في هذا المجال من مسؤوليات جسام.

وهذه المؤسسات جميعًا مؤسسات تأمينية؛ لأن غايتها مؤامنة الإنسان من خوف وقوع المرض به دون أن يكون لديه من المال ما يكفيه لدرء عاديته ورد أذاه وإزالة آثاره. وسبيل هذه المؤسسات إلى تحقيق هذه المؤامنة أو التأمين، يقوم على مبدأ تفتيت مغبة المرض، وذلك بتوزيعها على عدد كبير من الناس، يدفع كل منهم مبلغًا من المال، يبيحه للآخرين جميعًا إذا احتاجوه، ويستبيح أن يأخذ من الصندوق الذي يضم (جميعة) ما يدفعون إذا احتاج.

<<  <  ج: ص:  >  >>