٥ ـ ولا ترد شبهة الغرر والجهالة أيضًا على العقود المذكورة في الفقرات التالية؛ لأنها إن وجدت فهي ليست من نوع الجهالة المفسدة للعقد، ولأن الحاجة تدعو إليها، كما قال ابن قدامة في (المغني) بعد أن نقل نصوص الكتاب والسنة المؤيدة لعقد الجعالة: (. . . . ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك (أي إلى عقد الجهالة) . . فدعت الحاجة إلى إباحة بذل الجعل فيه مع جهالة العمل. .) .
وكما قال الإمام ابن تيمية في (القواعد النورانية) حول تجويز اغتفار الغرر في جميع ما تدعو الحاجة إليه أو يقل غرره: (. . . وهذا القول الذي دلت عليه أصول مالك وأصول أحمد، وبعض أصول غيرهما هو أصح الأقوال، وعليه يدل غالب معاملات السلف، ولا يستقيم أمر الناس في معاشهم إلا به. . وكل من توسع في تحريم ما يعتقده غررًا فإنه لا بد أن يضطر إلى إجازة ما حرمه: فإما أن يخرج عن مذهبه الذي يقلده في هذه المسألة، وإما أن يحتال. . .) .
ثم أضاف رحمه الله تعالى:(. . وإذا كان مفسدة بيع الغرر هي كونه مظنة العداوة والبغضاء وأكل الأموال بالباطل، فمعلوم أن هذه المفسدة إذا عارضتها المصلحة الراجحة قدمت عليها) .
٦ ـ يجوز ـ بل يستحب ـ أن تتعاون جماعة من الناس على تفتيت مغبة المرض والتشارك في دفع تكاليف تقديم الخدمة الطبية، وذلك عن طريق تأسيسهم لمؤسسة تأمينية يسهمون فيها بمبالغ نقدية تسمى أقساط التأمين، بحيث يتجمع في صندوق هذه المؤسسة التأمينية مبلغ من المال، تدفع منه تكاليف التطبيب إلى من يحتاج إلى ذلك من المساهمين بسبب نزول المرض به، طيبة به قلوب المساهمين جميعًا، ولا يأخذ منه الذين لا يمرضون شيئًا.