للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يرد تساؤل حول الجهالة التي تعتري محل العقد، من حيث عدد المرضى، واختلاف أمراضهم، وطبيعة العمليات، وثمن الأدوية، غير أن هذا التساؤل يضعف أو يتلاشى حيث نعلم أن المستشفى لا يقدم على مثل هذا الاتفاق قبل أن يجري دراسة جدوى تضمن للمستشفى تحقيق الربح.

فهو يعد إحصاءات دقيقة تشمل عمر المستفيد وجنسه ومهنته وسلوكه وحالته وزمان العلاج ومكانه. وغير ذلك، مما يجعل تقدير أجر العلاج وثمن الدواء أقرب ما يكون لواقع الحال، فتنتفي جهالة محل العقد، أو تقل. وقد روى جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعث طبيبًا إلى أبي بن عكب، فقطع منه عرقًا ثم كواه (١) قال الشافعي في الأم: (وإذا أمر الرجل أن يحجمه أو يختن غلامه أو يبيطر دابته فتلفوا من فعله، فإن فعل ما يفعل مثله مما فيه الصلاح للمفعول به عند أهل العلم بتلك الصناعة فلا ضمان عليه) (٢) . وفي كتاب الطب النبوي: (أن الطبيب إذا لم يتبين له المرض فلا يجوز له أن يجرب الدواء بما تخاف عاقبته، ولا بأس بتجربته بما لا يضره) (٣) ، ومن كل هذا يظهر أنه تغتفر الجهالة المعتادة في محل عقد العلاج

الطبي، والله أعلم.


(١) (صحيح مسلم: ٤ / ٢١)
(٢) (الشافعي، الأم: ٦ / ١٦٦)
(٣) (ابن القيم، الطب النبوي، طبعة دار الحياة ـ بيروت، ص ١١٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>