للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه قضية اقتصادية سياسية دولية تتعلق بالسياسة المالية للدول، وفقدان الغطاء الذهبي له عوامله الكثيرة المشتركة، أولاً بين جميع الدول المتخلفة - بالتعبير الصحيح - أو النامية - بالتعبير الملطف - إلى آخره، فهذا الغطاء الذهبي هو مشكلة المشكلات، ولا يمكن بشكل من الأشكال في وقتنا الحاضر، بل حتى الدول الغنية والتي كانت هي في أوج سلطانها، مثل إنجلترا وفرنسا وغيرها، وحتى أمريكا نفسها أصبحت عاجزة عن أن توفر الغطاء الذهبي لعملتها الورقية، لعوامل كثيرة لا أريد ذكرها؛ لأن ضغط النفقات، وتزايد الميزانيات، ومحدودية إنتاج الذهب؛ لأن هذا شيء في جوف الأرض، ولا يملك أحد أن يزيد فيه أو ينقص. هذه المشكلة مع تزايد النفقات والحاجة إلى العملات هي التي أحلت – في ما كنت عبرت به في مثل هذا الموضوع – هي التي أحلت المطابع مكان المناجم، كانت العملات هي الذهب والفضة، وهي تستخرج من المناجم، ولا يستطيع الإنسان أن يزيد فيها في ما في المنجم أو ينقص، ولكن لما حصل الضغط على البلاد ولاسيما النامية، وعلى غيرها بتزايد النفقات العظيمة مع الزمن، ولاسيما نفقات التسلح، وما إلى ذلك مما أصبح يضر بآلاف الملايين، يعني مضاعفات، فكل هذا جعل هذه الدول تقلب الموضوع من أمر الغطاء الذهبي الكامل إلى غطاء ذهبي ناقص، إلى غطاء ذهبي أنقص، إلى.. إلى حتى إلى صفر من الغطاء الذهبي. معروف الموضوع. وهنا منشأ التضخم الذي نسمع عنه، فالتضخم نشأ، أي التضخم هبوط القوة الشرائية للعملة، هبوط هذه القوة الشرائية، هذا نشأ من إحلال المطابع محل المناجم، وأصبح كل دولة لما تعضها الأزمات المالية وتريد أن تحل مشكلة، تشغل المطبعة، وتخرج من الأوراق ما تشاء، وتوزع على مواطنيها، وهذا يؤدي إلى هبوط القيمة إلى آخره، وهو التضخم.

<<  <  ج: ص:  >  >>