للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السؤال السادس

حكم بيع المسجد لانتقال الجالية الإسلامية

ذكر صاحب المعيار نازلتين:

الأولى: استفتي فيها الشيخ الحفار لما سئل عن رجل بنى مسجدًا لله في ملكه وحبس له أحباسًا من أرض وزيتون، ثم انتقل الناس عنها وبقي في ربضها القليل من الناس فهل لها أن تبدل إلى موقع آخر بالقرب من الديار الكثيرة؟

وكان جوابه: أن نقل المسجد المذكور عن محله لا يحل ولا يجوز لأن ذلك تغيير للحبس من غير موجب بل يصلي فيه من بقي منهم ولو رجل واحد والله حسيب من يسعى في تغييره (٧/ ١٣٦) .

الثانية: استفتي فيها ابن سراج لما سئل عن مسجد قرية خلت من السكان ولم يبق فيها للسكنى إلا داران غير أن القرية والمسجد في وسط العمران وعلى طريق تسللك على الدوام فقلما يخلو المسجد ممن يصلي وله حبس أضيف إلى حبس مسجد القرية القريبة منه التي هي عامرة وأصبح ينتفع به ومسجد القرية هو جيد البناء إلا أن بعضه يحتاج إلى الإصلاح وفيه مدة جيدة فهل يجوز هدمه واستخلاص أنقاضه وآلته ويبنى بذلك مسجد القرية العامرة لكون بعض أهل الموضع يرون ذلك خوفًا أن يبقى المسجد الذي بالقرية الخالية على ما هو عليه فتهدم آلته أم يؤخذ من فائدة أحباسه التي أضيفت لمسجد القرية العامرة ما يصلح به بناؤه ويبقى مسجدًا كما كان؟ على أن القرية الخالية لم يبق فيها أحد يسكن وهي منذ عشرين عامًا خالية وإنما بقي من الدارين اللتين بقيتا فيها بعض بنائهما بغير سكنى فكان جوابه: أنه إن كان المسجد المشار إليه في السؤال أعلاه يخاف من اجتماع أهل الشر والفساد فيه فيهدم ويستعان بنقضه في مسجد آخر وإن كان لا يخاف من ذلك فيه فيبنى ما تهدم منه من أوقاف التي نقلت لغيره من المساجد (٧/ ١٥٤) .

فالفتوى الأولى والثانية بينهما تكامل ذلك أن الفتوى الأولى عن مسجد في قرية لم تخل بتاتًا من السكان وإنما تحول معظم الناس عنها وبقي قليل فالباقي حقه ثابت في إقامة الصلاة بالمسجد ولا يحول المسجد عن مكانه، أما القضية الثانية فقد خلت القرية عن السكان تمامًا، وأن الدارين الباقيتين خاليتان من السكان ويخشى من بقائه في الخلاء وأن يتخذه أهل المنكر وكرًا للفساد فكان الجواب بهدمه ونقل نقضه.

وفي صورة السؤال الوارد إن انقطع السكان المسلمون تمامًا من ذلك ولم يبق أي واحد منهم فيجوز بيع المسجد وتحويل أمواله لشراء أو توسيع أو ترميم مسجد آخر يؤمه المسلمون لأداء الصلاة جماعة وإن لم ينقطع المسلمون من تلك البلدة بل قالوا فلا يحل نقل المسجد ولا التفويت فيه، إذ هو يقوم بوظيفته وأما في الصورة الأولى فقد انقطع عن القيام بوظيفته وسيحتله قطعًا غير المسلمين إما للسكنى أو لغير ذلك.

كما أني لا أجد وجهًا لصرف المال في أي وجه من وجوه الخير غير بناء أو ترميم مسجد آخر، لأن الذين ساهموا في تأسيس المسجد الأول إنما ساهموا في إقامة بيت من بيوت الله فلا يحول ما لهم إلى غير الجهة التي قصدوها.

<<  <  ج: ص:  >  >>