للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السؤال الثامن عشر

عجبت من هذا السؤال، الحرج من عدم مد الأنثى يدها لمصافحة الأجانب عنها، الحرج من امتناع الرجل من مصافحة المرأة التي تمد يدها إليه كان مصدر عجبي تعميم كلمة الحرج في كل مناسبة وفي كل أمر فيه تراخٍ خلقي الحرج له مفهوم في الإسلام وهو كل ما أوقع المسلم في ضيق حقيقي لا وهمي يجد صعوبة زائدة على المعتاد ومشقة من تحمله، وهذا قد نفاه الله عن المسلمين فقال تعالى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} .

أما مجرد الصعوبة والمشقة فهو أمر مقارن للتشريع، والتكليف ما أطلق حقيقة إلا على ما فيه كلفة، ولذلك وقع البحث في إدخال المباح في الأحكام التكليفية.

واتقاء الشبهات أصل من أصول تكوين الفرد المسلم ((فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام)) .

لقد اتقى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الشبهة وهي مصافحة النساء فروى في الصحيح عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ما مست يده يد امرأة قط)) وروي ((أنه بايعهن بين يديه وأيديهن في ثوب)) .

وقالت أم عطية ((: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة جمع نساء الأنصار في بيت ثم أرسل إلينا عمر بن الخطاب فقام على الباب فسلم فرددن عليه السلام فقال: أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكن: ألا تشركن بالله شيئًا. فقلن: نعم، فمد يده من خارج البيت ومددن أيدينا من داخل البيت)) . (القرطبي: ٦٥٥٠) .

إن هذه الأحاديث لا خلاف بينها وإن لم يقبل منها ابن العربي إلا ما ورد في الصحيح لأنها تؤكد على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم تمس يده يد امرأة ولم يباشر ذلك.

وأن رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يمس هو يد امرأة معروفة بعينها وإنما كانت النساء خلف الستر والمبايعة مختلطة تنفي الريبة.

وما ورد من إطلاق في بيعة الصفا يحمل على المقيد الوارد فيه أن المبايعة كانت بحائل أو من وراء ستر.

وبناء على ما قدمناه فإن الذي نطمئن إليه أن المرأة لا تصافح أجنبيًا غير محرم ولا زوج، وأن الرجل لا يصافح امرأة أجنبية عنه، وقد رأيت في البلاد الشيوعية أن المرأة المسلمة لا تمد يدها لأي رجل أجنبي وتشير بابتسامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>