للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجوبة

فضيلة الشيخ محيي الدين قادي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله على أفضاله وأهل الصلاة والسلام سيدنا محمد وصحبه وآله.

السؤال الثالث

(١)

ما حكم زواج المسلمة بغير المسلم، خاصة إذا طمعت في إسلامه بعد الزواج حيث تدعي مسلمات كثيرات أنه لا يتوفر لهن الأكفاء من المسلمين في غالب الأحيان إذ إنهن مهددات بالانحراف، أو يعشن في وضع شديد الحرج؟

وفي الجواب عن هذا السؤال أفيد بأن زواج المسلمة بغير المسلم محظور لا يجوز بحال من الأحوال عند فقهاء الإسلام.

جاء في المذهب الحنفي أن زواج المسلمة بغير المسلم لا يجوز لقوله تعالى {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} لأن في إنكاح المؤمنة الكافر خوف وقوع في الكفر؛ لأن الزوج يدعوها إلى دينه، والنساء في العادات يتبعن الرجال فيما يؤثرون من الأفعال ويقلدنهم في الدين.

وقد أشار القرآن إلى ذلك في آخر الآية الكريمة السالفة الذكر بقوله تعالى {أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} لأنهن يدعون المؤمنات إلى الكفر، والدعاء إلى الكفر دعاء إلى النار، لأن الكفر يوجب النار فكان نكاح الكافر المسلمة سببًا داعيًا إلى الحرام فكان حرامًا.

والنص وإن ورد في المشركين لكن العلة وهي الدعاء إلى النار تعم الكفرة أجمعين، فيعم الحكم بعموم العلة، فلا يجوز إنكاح المسلمة الكتابي كما لا يجوز إنكاحها الوثني والمجوسي، لأن الشرع قطع ولاية الكافرين عن المؤمنين بقوله تعالى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} فلو جاز إنكاح الكافر المؤمنة لثبت له عليها سبيل وهذا لا يجوز (٢)

وجاء في المذهب المالكي أن زواج المسلمة بغير المسلم لا يجوز البتة وقد أخذ ابن القاسم الحكم بعدم زواج المسلمة من غير المسلم من قول مالك في ذمي اشترى أمة مسلمة ووطئها: أن يقدم إلى أهل الذمة في ذلك أشد التقدم ويعاقبوا على ذلك ويضربوا بعد التقدم (٣)

فإذا كان هذا في وطء الكافر الأمة المسلمة فمن باب أولى نكاحه الحرة المسلمة عند مالك.


(١) اعتذر كاتب البحث عن الجواب على السؤالين الأول والثاني
(٢) الكاساني، البدائع: ٢/ ٢٧١ – ٢٧٢ بتصرف
(٣) سحنون، المدونة: ٢/ ٢٩٧

<<  <  ج: ص:  >  >>