للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما إن جزم طبيبان عادلان مختصان (١) بأن حياة المستفاد منه من دون ذلك العضو ستظل مستمرة ومستقرة على نهج سوي، وذلك اعتماداً على قواعد الطب وتجاربه، كإمكان استمرار حياة الإنسان بكلية واحدة، دون وجود ما يتهددها ـ فإن استظهار حكم ذلك منوط بالرجوع إلى قاعدتين من القواعد التي ذكرناها في مقدمة هذا البحث، وقلنا: إن مداره عليها. وهاتان القاعدتان هما:

١- كل ما كان من حق الإنسان أو تغلب حق الإنسان فيه على حق الله عز وجل، جاز التصرف به، سواء كان مصدراً ثبوت هذا الحق تمليكاً أو تمتيعاً.

٢- كل ما ثبت للإنسان حق التصرف فيه، كان له حق الإيثار به. ولنقف عند كل من هاتين القاعدتين بشيء من البيان والضبط، كي لا يقع في تطبيقهما أي خطأ أو لبس فنقول في بيان القاعدة الأولى:

من الثابت أن الإنسان بكل ما له من حقوق ملك لله عز وجل، فمآل الحقوق كلها إذن، على تنوعها واختلافها أن تكون لله وحده. وهذا معنى كلام الشاطبي: (إن كل حكم شرعي ليس بخال عن حق الله تعالى) وقوله: (كل ما ثبت فيه اعتبار التعبد فلا تفريع فيه، وكل ما ثبت فيه اعتبار المعاني دون التعبد، فلا بد فيه من اعتبار التعبد) (٢) .

ولكن الله مكن عباده من التصرف بطائفة من هذه الحقوق، فسميت من هذا الجانب حق العباد. ولم يمكنهم من التصرف بطائفة أخرى منها، فبقيت على أساسها الأصلي: حقوق الله.


(١) الصحيح أن يكتفى بشهادة طبيب واحد، في المسائل التي لا تتعلق بها حقوق للآخرين. أما في المسائل التي تتعلق بها حقوق لهم ـ وهذه منها ـ فلا بد فيها من شهادة طبيبين (انظر الأشباه والنظائر للسيوطي: ٢٩٦)
(٢) الموافقات: ٢/٣١٠ و ٣١٧

<<  <  ج: ص:  >  >>