ويتساءل كثير من الأطباء، عن قيمة دقات القلب أو قيمة الأنفاس الصاعدة، في ميزان الشريعة الإسلامية: عندما تكون هذه الأنفاس أو الدقات، منبعثة بفعل أجهزة متصلة بالمريض، بحيث لو فصلت عنه لتوقف القلب للتو، ولهمد كل شيء، وحل الموت الذي لا ريب فيه؟ وإلى متى يجب أن تكون هذه الأجهزة موصولة به تصطنع له صورة الحياة وتمتعه بكثير من دلائلها؟
والجواب: أن حركة القلب ما دامت مستمرة، فقرار الموت غيب لا يجوز الحكم به، سواء كانت هذه الحركة طبيعية أم اصطناعية، بواسطة بعض الأجهزة، وهذه الأجهزة فيما تقدمه من معونة، ليست أكثر في هذه الحال من غطاء مسدل على المريض يمنع من معرفة واقع حاله أميت هو أم حي.
ومن ثم فإن فصل هذه الأجهزة عنه لا يعد قتلاً له ولا تسبباً بموته، مهما ظهر أن هذا الفصل قد ينهي حركة القلب ويعجل بالموت، ذلك لأن الحياة الحقيقة ليست تلك التي تنبعث من أجهزة، فتمد القلب بالوجيب وتجعل صاحبه وكأنه يمارس الشهيق والزفير.
وإنما الحياة ذلك السر المنبعث من داخل الكيان، بل من كل أجزاء الجسد، ومن ثم فإن للطبيب أو لذوي المريض فصل هذه الأجهزة وإنهاء عملها في الوقت الذي يشاؤون.
لذا، فإن السبيل الوحيد لمعرفة حال المريض وما آل إليه أمره، عندما يكون محجوباً بفعل هذه الأجهزة، أن تفصل عنه، ثم ينظر في أمره آنذاك، فإن تحققت الدلائل الشرعية للموت، حكم بموته وترتبت عليه أحكامه.
وإلا فإنه لا يزال في الأحياء، وتظل أحكام الحياة هي السارية في حقه.