العقوبة الدنيوية في الجرائم على النفس أو ما دونها:
تختلف العقوبة الدنيوية في هذا النوع من الجرائم باختلاف نوع الجريمة إذ هي إما جريمة عمدية أو جريمة شبه عمدية. أو جريمة خطأ، فإذا قصد الفعل والنتيجة كانت عمداً، وإذا لم يقصدهما كانت خطأ، وإذا قصد الفعل ولم يقصد النتيجة كانت شبه عمد. ونوضح فيما يلي بإيجاز بالغ حكم كل نوع فيها إذا وقعت الجناية من الإنسان على نفسه.
عقوبة الجناية عمداً على النفس أو على ما دونها.
العقوبة في هذا النوع من الجناية تدور بين القصاص أو الدية والكفارة، والحرمان من الميراث، والتعزير في بعض الحالات، فأما القصاص: فإنه لا يتأتى توقيعه على قاتل نفسه؛ لأن محل القصاص قد فات بموته، وكذلك في جنايته على جزء نفسه، مثل قطع كليته أو غيرها؛ لأن محل الاستيفاء قد فات أيضاً، لأن الذي يجب فيه القصاص هو العضو المماثل للعضو المقطوع، فاليد اليمنى باليمنى، واليسرى باليسرى، وكذا العين، وأيضاً فإن الجرائم التي تقع على أجزاء الإنسان الداخلية ليس فيها القصاص (١) ؛ لأن الجائفة ليس فيها القصاص، كما نعلم، لكن عقوبة التعزيز هنا تظهر، وهي عقوبة، وكل تقديرها للإمام أو من ينوب عنه من القضاة، فحيث ينتفي القصاص يمكن أن نوجب عقوبة تعزيرية منعاً من إضرار الإنسان بنفسه من الميراث، وهذا واضح، وكذلك لا تتأتى عقوبة حرمان القاتل.
وأما الدية: وهي اسم للضمان المالي الذي يجب بالجناية على الآدمي، أو على جزء منه.
فإن الفقهاء قد اختلفوا في إيجابها في جناية الإنسان على نفسه عمداً، وبخاصة أنه لا يمكن أن تطبق عقوبة القصاص هنا، وإذا قلنا بوجوبها فهل تجب على الجاني وعلى العاقلة؟
(١) يراجع كتاب الجنايات في الفقه الإسلامي للمؤلف: ص ٤٦١