للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما إيجابها على الجاني، فيقرر الفقهاء أنها لا تجب على الجاني، وإذا أردنا أن نعلل لهذا الرأي أمكننا أن نقول: إن إيجابها عليه بعد موته يستدعي بقاء ذمته لتتعلق بها الدية، وقد فاتت هذه الذمة، وفواتها يفوت ما يتعلق بها وهو الدية.

وإذا قلنا: إن ذمته لا تنعدم بموته بل تضعف، ويقوبها ما يتركه من مال.. (١) .

فيمكن إيجابها في ماله، فإن الرد على ذلك ميسور، وهو أن الإنسان لا يستحق لنفسه حقاً على نفسه، وأيضاً فإن الوارث للدية هم ورثة المال، فلا فائدة عملية في إيجابها في ماله أولاً، ثم ردها إلى ورثته المستحقين لأمواله بعد ذلك، ويضاف إلى ذلك أن معنى الردع والزجر ـ وهو المقصود من العقوبة ـ لا يتحقق هنا، وإذا فات المعنى الذي شرعت من أجله العقوبة لم تجب هذه العقوبة (٢) .


(١) وإذا قلنا بذلك بالنسبة لسداد ديون الغير، فهذا القول له وجهه، وهو أن ينتفع الميت بوفاء ديونه من أمواله بدلاً من أن يأخذها الورثة لتعلق حق الدائنين بها، وهذا الوفاء يفيده، أما ما معنا هنا فليس فيه فائدة ملحوظة، والعاري عن الفائدة لا يشرع
(٢) كما في إسقاط العقوبة عن الجاني إذا كان صبياً أو مجنوناً لفوات المقصود من توقيع العقوبة عليهما

<<  <  ج: ص:  >  >>