للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- مشكلة التمليك:

إن أغلب الأهداف التي يرمي إليها صندوق التضامن أهداف اجتماعية لا مجال فيها للتمليك الفردي، وهي بناء المدارس والمساجد والجامعات والمراكز والمخيمات وحلقات الدراسة كما هو مبين في قانونه الأساسي وفي جدول المساعدات التي قدمها المجلس الدائم لصندوق التضامن الإسلامي كمحصلة ثابتة لنشاطاته منذ ميلاده وحتى عام ١٩٨٦م حتى تطبيق باب الأزمات والكوارث فإنه يأتي حسب عرف العصر الذي نعيشه في صورة جماعية لا مجال فيها إلا في القليل النادر للتمليك الفردي.

ومع أننا لا نذهب إلى القول بركنية التمليك في الزكاة فإننا نشير إلى أن جمهور المسلمين سلفاً وخلفاً فضلوا دائماً بخصوص الزكاة الحالات التي يتحقق فيها التمليك الفردي عند وجودها على المصالح العامة التي لا ملك فيها لأحد، فعلى الرغم من وجود فقهاء أجلاء أجازوا صرف الزكاة في أوجه الخير كما نسب ابن قدامة هذا المعنى بخصوص {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} إلى أنس بن مالك والحسن البصري، وكما هو شائع في كتب الزيدية وآراء المحدثين مثل جمال الدين القاسمي، وكذلك عند بعض المعاصرين أمثال الشيخ محمد شلتوت فإنه يلاحظ أن المسلمين من أقدم العصور إلى يومنا هذا فهموا الزكاة على أنها في المقام الأول إتاحة تمليك فردي، فصارت من كثرة زيوع هذا المفهوم كأنه ركن فيها.

فإذا كان الأحناف تفردوا بالجزم بركنية التمليك، فالملاحظ أن أصحاب المذاهب الأخرى الذين لم يصلوا إلى درجة التصريح العلني بذلك قد طبقوه عملياً في كثير من الأحيان؛ حيث إنهم أعطوا غالباً الأولوية لمجالات التمليك الفردي كما قلنا بذلك آنفاً.

فالزكاة في المفهوم المتوارث منذ عهد الصحابة إما أن تؤتى للفقير والمسكين وباقي مستحقي الزكاة مناولة، أو تصل إليهم عن طريق جهاز متخصص في إحصاء الفقراء والمحتاجين، ومعروف لدى المستحقين ويستطيعون الاتصال به بدون أية مقدمات (بيروقراطية) وفي جميع الأوقات. وهذا ما سمي بإدارة الزكاة أو صندوق الزكاة وهو جزء من بيت المال.

<<  <  ج: ص:  >  >>