نتيجة هذا أيها الإخوة فيما أتصور أن صندوق التضامن، نعود إلى إيجاد شيء من التنسيق بين حقيقة الزكاة وما شرعه الله في أمرها، وبين نظام هذا الصندوق، فإن رأينا أن نظام هذا الصندوق يتسق ويتفق مع مصارف الزكاة كليا وجزيئا فلا مانع، ولا أظن أن هذا متحقق، وإن لا ينبغي أن نتحفظ في الأمر، وينبغي أن نتذكر كما قال بعض الإخوة أن الدول الإسلامية متمثلة في صناديقها متمثلة في أموالها هي المسؤولة أولا وبالذات عن إقامة مصالح المسلمين، أما الزكاة فما هي إلا دعم وما هي إلا نسيج محبة حققه الله، أو حقق الله بواسطته التآلف بين القلوب.
أقول قولي هذا وشكرا لكم.
الشيخ محمد الحاج ناصر:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حديث الزكاة وصرفها إلى من يتولى إبلاغها لمستحقيها حديث ذو شعب ينبغي أن نتدبرها كلها؛ لأن الركن الثالث من أركان الإسلام ليس ركنا أساسيا فحسب، وإنما هو الدعامة الأولى لتكوين الرابطة المادية بين أفراد المجتمع الإسلامي وطوائفه، والذي تفضل به بعض الإخوة من قبل أشار إلى نواح لطيفة، ونلاحظ أنه لا ينبغي أن تغيب عنا، ونحن نحاول أن نجد توفيقا بين ما يطلب من توكيل مؤسسة معينة عن الأفراد وبين ما هو مشروع من شريعة الله سبحانه وتعالى، ولطيف جدا أن يلتفت أحد الإخوة إلى هذا الملحظ الأول ملحظ الوكالة؛ ذلكم بأنه لا يمكن اعتبار صندوق التضامن كبيت مال المسلمين، ولا يمكن اعتبار القيمين عليه كما كان الخلفاء وولاتهم وعمالهم، البيعة التي تعطى للخليفة لم تعط للسيد المدير، ولم تعط لأنه ليس من نظام الصندوق أن يكون مديره خليفة للمسلمين، ولم يعرف الفقهاء المسلمون من قبل مبدأ التوكيل في أداء الزكاة، أو في صرف الزكاة وتبليغها إلى مستحقيها إلا في حالات قليلة، عرض لها البعض، حتى لا تكاد من ندرتها أن تخفى على المتأمل المسرع في التأمل، فنحن إذن أمام طلب يريد من المسلمين توكيل صندوق التضامن الإسلامي ليقوم مقامهم بتصريف جزء أو كل ما عليهم من زكاة.
وهذا الذي على المسلمين من زكاة على نوعين: ما منه على الأفراد وما منه على المؤسسات، والذي منه على الأفراد قد يمكن عند توفر روابط معينة أن يوكل صندوق التضامن في دفع جزء منه، وتصريفه إلى مستحقيه، مما سأشير إليه بعد، وما منه على المؤسسات. قبل أن يتعين على الأفراد التفكير فيه علينا أولا أن نتخذ موقفا، نحث فيه الدول الإسلامية على إدخال ضريبة الزكاة ضمن الضرائب التي تفرضها على الشركات، وخاصة تلك التي تعمل فيما هو في باطن الأرض، وعندما تفرض هذه الضريبة سنتساءل يومئذ: هل ستتولى الدول نفسها صرفها إلى مستحقيها، أم ستحيل ذلك إلى صندوق التضامن الإسلامي بتوكيل منها؟