للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: صح عن أبي عبيدة بن الجراح وثلثمائة من الصحابة رضي الله عنهم أن زادهم فني , فأمرهم أبو عبيدة , فجمعوا أزوادهم في مزودين , وجعل يقوتهم إياها على السواء.

ثم عقب على ذلك بقوله: فهذا إجماع مقطوع من الصحابة رضي الله عنهم , لا مخالف له منهم، ونقل عن الشعبي ومجاهد وطاوس وغيرهم , كلهم يقول: في المال حق سوى الزكاة (١)

ثانيًا: فرض الأموال (الضرائب) على القادرين إذا تعرض كيان الأمة للخطر من قبل الأعداء. وسند هذا التدخل أن الشارع الحكيم قد حث على الإنفاق في سبيل الله، وسبيل الله كلمة جامعة تتسع لكل ما تتطلبه مصلحة الأمة. وأنذر سبحانه وتعالى الأمة إن هي قبضت يدها وأحجمت عن الإنفاق الوقوع في التهلكة، ولما كان الإنفاق في صدر الإسلام كان يجري سماحة وتطوعًا , وكان الصحابة رضوان الله عليهم يتسابقون في هذا الميدان , حتى إن أحدهم كان يعد جيشا كاملًا بماله , ومنهم من كان يأتي بشطر ماله , لا يضيق صدره , ولا يشعرون في أنفسهم حرجًا , وإنما ينطلق أحدهم عن سماحة نفس وصدق يقين , فإذا ما أحجم الناس عن الإنفاق وضاق بيت المال عما يكفي لسد النازلة , فإن ولي الأمر يكون في سعة من أن يتدخل ويفرض على الأفراد ضريبة يقتطع بها جيرانهم شطر أموالهم. وحكى الإمام القرطبي الإجماع على وجوب فك الأسرى , وأنه إذا خلا بيت المال , فهو فرض على كافة المسلمين (٢) ويذكر الشاطبي في الاعتصام في الباب الذي عقده للفرق بين البدع والمصالح المرسلة والاستحسان: أن الإمام إذا كان مفتقرًا إلى تكثير الجنود لسد الثغور وحماية الملك المتسع الأخطار , وخلا بيت المال , وارتفعت حاجة الجند إلى ما لا يكفيهم , فللإمام أن يوظف على الأغنياء ما يراه كافيًا لهم في الحال , إلى أن يظهر مال بيت المال (٣)


(١) المحلى ج٣، ص ٤٥٥.
(٢) تفسير القرطبي ٢ – ٢٢،٢٣.
(٣) الاعتصام، ج/ ٢، ص ١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>