الفصل الخامس: إقامة دولة الإسلام وإرجاع الخلافة الراشدة:
لا يمكن أن تنتهي فرقة المسلمين السياسية إلا بإقامة دولة إسلامية راشدة تقيم فينا دين الله وشرعه، وتحكمنا بالإسلام، وتقيم فينا وفي العالم موازين الإسلام وقيمه، وتسمع العالم صوت الله، فتقيم بذلك الحجة على العالمين، وتقوم بواجب البلاغ الذي كلفنا به، وتحمي حمى الإسلام وتحرس هذا الدين، كما تحمي ديار الإسلام، وتحفظ حرمات المسلمين، وترد كيد الكائدين، وترفع الظلم عن المظلومين، وترد هذا البلاء الذي رمانا به أعداء الإسلام، هذا البلاء الذي جعلنا في ديار المسلمين أذلة، نخشى إن قلنا كلمة الحق أن تقطع منا الرؤوس، وتسلب منا الأموال، ويؤذى أهلنا وأحبابنا، إن دولة الإسلام هي المؤهلة لرد هذا البلاء الذي جعل ديار الإسلام مرتعا لأعداء الإسلام، فصالوا وجالوا من غير رقيب وحسيب. لقد قسموا ديارنا فجعلوها دولا، وجزؤوا أمتنا فجعلوها أمما، بعد أن كنا دولة واحدة وأمة واحدة، إننا نريد دولة الإسلام كي نتوحد في ظلها، لنعود مرة أخرى دولة واحدة وأمة واحدة، تختفي في ظلها النعرات الجاهلية، والعصبيات المقيتة التي فرقت شملنا، وأذهبت قوتنا، وملكت منا الأعداء.
أنا أدرك أن إقامة الدولة الإسلامية لا يتحقق بمجرد الأماني، وأن الطريق إليه ليس مفروشة بالورود والرياحين، وأن الطريق إلى تحقيق ذلك تعترضها عقبات جسام، أنا أعلم أن قيام الدولة الإسلامية يقتضي من المسلمين أن يبذلوا في سبيل تحقيقها أوقاتهم وأموالهم وأنفسهم، وأن يرضوا بالتشريد حينا من الدهر، كما يرضوا بالعذاب والسجون، فإن لإقامة الدولة ضريبة وأية ضريبة، ذلك أن دولة الإسلام تبطل مخططات خصوم الإسلام، التي عملوا على تحقيقها دهرا طويلا، بحيث جعلت لهم السيطرة على بلادنا وشعوبنا ومقدراتنا، وتبطل امتيازات المسلطين في ديارنا، كما تبطل مصالح الطبقة التي تأخذ ما تأخذ بالباطل، فإذا جاء الإسلام وأعمل حكم الله أوقف نهب ثروات الشعوب وسوى بين المسلمين وحكم بالعدل، وجعل العزة لله، ومن هنا يحرص أعداؤنا والظلمة المسلطون علينا أن يخنقوا صوت الإسلام. الذي ينادي بالعودة إلى إقامة خلافة راشدة تحكِّم شرع الله، وتقيم دين الله.