ولسنا هنا ندعو لمظهرية وحدة ولكن لحقيقة الوحدة تراحما وتلاحما وتنسيقا وأداء إذن لوجدنا الحل لا لمسألة تنظيم النسل وتحديده ولكن لكافة العقبات التي تحول بين العالم وبين الاهتداء بنور الله الذي يشعه مصباح الإسلام.
إن موضوع تحديد النسل في العالم حديث نسبيا، ولعله بدأ بصورة مسموعة عندما تبنت بعض الحكومات سياسة التحديد من باب الضرورة الاقتصادية فدعت الفقهاء فيها إلى أن يبينوا للناس أنه ليس حراما شرعا وكانت من ذلك كتابات وأحاديث وإسهامات فقهية في مؤتمرات قومية وإقليمية وعالمية، ولا نشك في إخلاص فقهائنا الذين اضطلعوا بذلك، ولا نقدح فيما وصلوا إليه من رأي بالإباحة ورغم اشتراكهم في هذا الرأي مع الهيئات الدولية الداعية إليه، فإننا نود أن نؤكد أن هؤلاء وأولئك لم يكونوا جيادا تجري في عنان واحد وبنية واحدة.
فحركة تحديد النسل العالمية الحديثة نبعت من آراء داروين ثم مالثيوس اللذين تحدثا من جانب عن تكاثر الناس أكثر من تكاثر الموارد، ولكن من الجانب الآخر عن أن الأجناس المتخلفة تشكل عبئا على الأسرة الإنسانية، وتلويثا لنقائها ورقيها، فينبغي ألا يسمح لها بالتكاثر غير المقنن، ثم كان امتدادهما في حمل لواء الحركة على الأخص سيدتين، هما ماري ستوبسي في بريطانيا، ومرجريت سانجر في أمريكا، تحت شعار حركة الدفاع عن حقوق المرأة، الذي خلط صالحا وسيئا، فكان فيه الفوائد الصحية لتحديد النسل وأثرها على خفض معدلات وفيات الوالدات ووفيات المواليد قرب الميلاد، ولكن كان فيه كذلك ضرورة مساواة المرأة بالرجل في الحريات، ومنها حرية تعاطي الجنس – مشروعا أو غير مشروع – غير مهددة بحدوث حمل غير مرغوب، وبأموال مرجريت سانجر مولت الأبحاث التي أنتجت حبة منع الحمل الأولى، وبنفوذها تأسس الاتحاد العالمي لتنظيم الوالدية، وله صلاته ونشاطه في كثير من بلادنا.. واستقر للحركة النصر فيما يختص بمنع الحمل، فإذا هو الآن حق أكيد للمتزوجات وغير المتزوجات، والقاصرات وتلميذات المدارس بصحبة تغير شامل في القيم والمفاهيم أفضى إلى أن ما نسميه نحن زنى ونعترض عليه أصبح نشاطا إنسانيا عاديا لا غبار عليه وهو حق لمن أراده.