ويقول العالم الديموغرافي الفرنسي الفريد سوفي: إن الاكتظاظ الذي قد تبدو سماته في بعض البلدان مرده إلى قلة الاستغلال لموارد الطبيعة وضعف اختصاص العمال والاعتماد علي الزراعة، فالاكتظاظ في نهاية التحليل كظاهرة من ظواهر التأخر يزول عند أخذ المجتمع بأسباب التقدم.
ثم يذكر الفريد سوفي في ختام كلامه مثال الصين الشعبية إذ كانت تعد من أكثر البلاد اكتظاظًا بالسكان، وقد أصبحت أخيرًا محتاجة إلى مزيد من الأيدي العاملة نظرًا لتقدمها السريع (١) .
ويقول المستر هوبرت مارسين وزير داخلية بريطانيا عام ١٩٤٣: إن بريطانيا إذا كانت تحب المحافظة على مستواها في الوقت الحاضر، والتقدم في سبيل الرقي والازدهار في المستقبل، فمن اللازم أن يتزايد فيها أفراد كل أسرة بنسبة ٢٥ % على الأقل.
ولكن ما وجه العلاقة بين ازدياد كثافة السكان، وازدياد الأرزاق والطاقات الإنتاجية؟
هذا ما سنوضحه في البرهان الثالث، وهو:
ثالثًا: إن المتحمسين في الدعوة إلي تحديد النسل، يذهلون عن حقيقة ذات أهمية بالغة في ترسيخ دعائم الحضارة والمدنية في المجتمع، وهي حقيقة علمية لا مجال لإنكارها.
(١) كان هذا التقرير من الفريد سوفي في الستينات، أما اليوم فقد يقول البعض: ولكن ها هي الصين تسعى اليوم إلى التخفيض من عدد سكانها.. والجواب أن العبرة من سياسة الصين تجاه كثافة السكان ما كانت تفعله أيام تخلفها، لا ما غدت تتجه إليه بعد تقدمها.. أي فإذا تقدمت البلاد العربية والإسلامية وغدت في مصاف العالم الثاني فإن لها أن تفكر في هذا الأمر إذا شاءت، ولكل حادث حديث.