للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم التوقي من الحمل عند أئمة المذاهب:

انطلق أئمة المذاهب السنية في بحثهم عن حكم العزل باعتباره الوسيلة المعروفة والمتداولة للتوقي من الحمل، من بحثهم فيما شرع له الزواج وهو أمران:

الأول: إعفاف النفس بمسايرة الفطرة السليمة، والاستجابة للشهوة البشرية في نطاق ما حدده الشرع العزيز.

الثاني: إنجاب البنين الذين زين الله تعالى حبهم للناس لأن بوجودهم يبقى الذكر، وبصلاحهم تقر العين، ومعهم يكون الأنس والمتعة، فشهوة إتيان النساء وشهوة إنجاب البنين هما من الشهوات التي زينها الله تعالى في قلوب الناس وجعلها متاع الحياة الدنيا ليبتليهم في هذه الحياة كما جاء في قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} (١) .

- أما الإنجاب فهو ألصق بالقضية الثانية (قضية الإجهاض) وهناك سيكون البحث عن صاحب الحق فيه.

- وأما إعفاف الذي لا يتم إلا بإطفاء الشهوة المتأججة عن طريق ما شرع من الجماع فقد بات من المتفق عليه بين سائر العلماء وأئمة المذاهب أنه حق للرجل دون خلاف في ذلك.

- وإنما الخلاف في المرأة هل هو من حقها مثل الرجل أو لا؟ وعلى هذا الحق ينبني حق العزل لمن يكون؟

في المذهب المالكي:

أما المرأة الحرة فحقها في الوطء ثابت عند مالك، ولها المطالبة به إن قصد الزوج بتركه إلحاق الضرر بها.

وبناء على هذا الحق لم يجز للزوج أن يعزل عنها إلا بإذنها، وهذا ما صرح به مالك في الموطأ حيث قال: ((ولا يعزل الرجل عن المرأة إلى الحرة إلا بإذنها)) (٢) .


(١) ١٤/آل عمران.
(٢) الموطأ: كتاب الطلاق (باب ما جاء في العزل) .

<<  <  ج: ص:  >  >>