للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكى الزرقاني عن ابن عبد البر أن الترخيص في العزل (هو قول جمهور الفقهاء) وذلك إثر ذكر عدد من الصحابة كانوا يفعلون ذلك أو يرون الرخصة فيه (١) .

ومهد الحافظ لحكاية الخلاف عن السلف في العزل بقوله:

(وفي العزل أيضًا إدخال ضرر على المرأة لما فيه من تفويت لذتها) .

ثم قال: (وقد اختلف السلف في حكم العزل، قال ابن عبد البر: لا خلاف بين العلماء أنه لا يعزل عن زوجته الحرة إلا بإذنها، لأن الجماع من حقها، ولها المطالبة به، وليس الجماع المعروف إلا ما لا يلحقه عزل) (٢) .

وقد وافق ابن هبيرة على حكاية ابن عبد البر للإجماع، وتعقب الحافظ ذلك بأن المعروف عند الشافعية أن المرأة لا حق لها في الجماع أصلًا، ومن هذا يتبين بوضوح أن للزوجة الحرة كلمتها في كل ما يتعلق بحياتها الجنسية، وليست الكلمة في ذلك للزوج وحده، ومن باب أولى أن الكلمة ليست للزوجة وحدها، وهل يتم شيء سواء في الإنجاب أو في طلب اللذة وإعفاف النفس دون اجتماع الطرفين؟ هذا حكم العزل عن الزوجة الحرة، أما الأمة فلا يخلو حالها إما أن تكون سرية أو زوجة.

فإن كانت سرية عند مالكها فقد غلب مالك رسوخها في الرق على رسوخها وحقها في الفراش فقال: "لا بأس أن يعزل عن أمته بغير إذنها".

لأن مراعاة حقها في الفراش قد يؤدي إلي أنها تحمل فتصبح أم ولد فيضيع ثمنها على المالك وإن كانت زوجة مملوكة لغير زوجها فالحق دائر بن أطراف ثلاثة: الزوج بما له من حق في الوطء والسيد بحقه في الملكية والأبناء، والأمة الزوجة بحقها في الاستمتاع الذي خوله لها عقد الزواج ...

غلب مالك حق الزوج في الوطء وحق السيد في الملكية "ومن كانت تحته أمة قوم فلا يعزل إلا بإذنهم وفي هذا عدم اعتبار لحق الزوجة المملوكة في المتعة؛ لأنها غير راسخة في الفراش مثل رسوخ الحرة، وعدم اعتبار حقها في الإنجاب لأن الأبناء يتبعونها في الرق وملكيتهم لمالكها ".


(١) انظر شرحه على الموطأ: ٢٢٨/٣ (دار الفكر للطباعة والنشر/ ١٩٨١-١٤٠١) .
(٢) انظر الفتح ٣٠٨/٩ (ط- دار المعرفة بيروت) .

<<  <  ج: ص:  >  >>