للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أنكر الإمام علي رضي الله عنه وافقه على ذلك عمر رضي الله عنه أن تكون موءودة ما لم تمر بالتارات السبع كما جاء في رواية القاضى أبي يعلى وغيره بإسناده عن عبيد الله بن رفاعة عن أبيه قال: (جلس إلى عمر علي والزبير وسعد رضي الله عنهم في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتذاكروا العزل، فقالوا: لا بأس به، فقال رجل: إنهم يزعمون (يعني اليهود) أنها الموءودة الصغري قال على رضي الله عنه: لا تكون موءودة حتى تمر عليها التارات السبع: حتى تكون من سلالة من طين، ثم تكون نطفة، ثم تكون علقة، ثم تكون مضغة، ثم تكون عظامًا، ثم تكون لحمًا، ثم تكون خلقًا آخر.

ولا يخفى أن الإمام عليًّا رضي الله عنه يشير إلى قول الحق تعالى في سورة المؤمنون: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (١) .

وجاء في فتح الباري ما يعضد هذه الرواية عن علي قال:

وعند عبد الرزاق وجه آخر: عن ابن عباس أنه أنكر أن يكون العزل وأدًا، وقال: المني يكون نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظمًا ثم يكسى لحمًا قال: والعزل قبل ذلك كله.

ثم قال شيخ الإسلام: وأخرج الطحاوي من طريق عبد الله بن عدي بن الخيار عن علي نحوه في قصة حرب عند عمر، وسنده جيد (٢) .

وهكذا يتضح أن جوانب الافتراق أكثر من نواحي الشبه بين العزل والوأد فهل يصح سحب حكم الوأد على العزل؟ ولا جامع بينهما إلا مقصد خفي كما سلف عن ابن القيم بيان ذلك.


(١) ١٢-١٤ /المؤمنون.
(٢) فتح الباري: ٣٠٩/٩-٣١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>