للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرار في النسل يتبع الحق في الولد

لكن يبقي السؤال القائم كالتالي:

-من الذي يملك حق الولد وحق القرار في الإنجاب أو عدمه؟ هل هو الزوج وحده؟ أو الزوج بالاشتراك مع الزوجة؟ أو هما بالاشتراك مع الأمة التي تمثلها الدولة؟

اختلفت في ذلك أنظار العلماء إلى أربعة آراء:

الأول: إن الولد حق للوالد وحده، فإن شاء أنجب وإن شاء لم ينجب وذلك نظرا لكونه رب الأسرة، وهو المسؤول عن القيام على أبنائه نفقة وتأديبا وإعدادا للحياة الجادة كما يريدها الله تعالى، ومن هؤلاء الإمام الغزالي الذي جوز العزل للزوج دون توقف على إذن الزوجة فهو الذي يكون له القرار وتبعا لذلك له الإنجاب إن رامه.

الثاني: إن الولد حق للأبوين بالإشراك، ومن غير اختصاص أحدهما دون الآخر؛ لأن الأبناء من زينة الحياة ومتعها وليس ذلك للآباء دون الأمهات، ولأن الأم لا تقل مسؤوليتها عن الأب بل قد تفوق مسؤولية الأب إذا اعتبرنا أن مسؤوليتها التربوية للولد تبدأ من أيام الحمل وتعظم في مرحلة الطفولة الأولى.

ومن هؤلاء أئمة المذاهب الذين اشترطوا موافقة الزوجة للترخيص في العزل.

الثالث: إن الولد حق مشترك بين الوالدين والأمة مع تغليب حق الوالدين والقائلون بهذا هم العلماء من فقهاء الأمصار، الذين أفتوا بكراهة العزل وكراهة تحديد النسل مطلقا ولو باتفاق الأبوين، لأن الأمر لا يخصهما على انفراد، بل هو لهما على وجه الأمانة حتى يعد للأمة جيل المستقبل الصالح.

ومن القائلين بهذه الكراهة أبو بكر وعمر وعلي وابن مسعود وابن عباس في إحدى الروايتين عنه.

ومن أصحاب هذا الرأي الإمام النووي والشافعي وموفق الدين ابن قدامة الحنبلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>