للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول عز وجل: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} الآية [النور: ٣٣] فالقدرة إذن شرط في النكاح. وإذا لم يكن الفرد قادرا على الكسب بما يسد تلك النفقة إلا من حرام فإن الزواج يكون حراما عليه (١) ، وإذا أعسر الزوج بعد الزواج، وفقد القدرة على الإنفاق جاز للزوجة أن تتقدم للقاضي بطلب الطلاق (٢) .

والزواج مندوب لمن كان قادرا على مؤنته حتى لو لم يخش على نفسه الزنا ولم يكن له أمل في النسل (٣) وهذا يعطينا صورة عن أهمية القدرة الاقتصادية في الزواج فالقدرة على الإنفاق أرجح من الأمل في النسل؛ لأن غير القادر على الإنفاق لا يتزوج حتى لو قدر على الوطء والإنجاب، والقادر على الإنفاق يتزوج حتى لو لم يكن له أمل في النسل.

ولا تقتصر المسئولية الملقاة على الأب تجاه أطفاله على رعايتهم وتحري ما فيه خيرهم ورغدهم في حياته بل تتعدى ذلك إلى ضرورة الحرص على أن يترك لهم ما يغنيهم بعد وفاته فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((لأن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم ... الحديث)) .

٤ - إن تعدد الزوجات مباح فقط، (أي ليس مندوبا إليه مثلا) ، وحتى تلك الإباحة مقيدة بشرط القدرة على العدل بين النساء كما قال تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} الآية [النساء: ٣] ولو كان تكثير السكان هدفا إسلاميا عامًّا يكتسب أولوية لقامت الشريعة على ندب التعدد، وربما يكون تحديد الزوجات بأربع وجعل ذلك التعدد مباحا فقط مؤشرا على أن الإسلام لا يهدف إلى التكاثر لمجرد العدد، فالرسول صلى الله عليه وسلم بعث في قوم كانوا يبيحون التعدد حتى عشرين زوجة وكانوا يبيحون تعدد الأزواج، فجاء بتحديد الزوجات بأربع واشترط العدل بينهن وهو إجراء يؤدي إلى تقليل النسل مقارنة بالوضع السابق.


(١) الجزيري، مرجع سابق ج ٤ ص ٦
(٢) العيلي، د. عبد الحميد حسن، الحريات العامة في الفكر والنظام السياسي في الإسلام، القاهرة دار الفكر العربي ١٩٨٣ ص ٣٠٧
(٣) الجزيري، مرجع سابق ج ٤ ص ٥ وهذا رأي المالكية

<<  <  ج: ص:  >  >>