واستتمامًا للحديث عن فكرة تحديد النسل نرى أن نذكر منشأها أو ابتداءها التاريخي، لقد بدأت فكرة تحديد النسل في أوروبا في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، وكان أول الدعاة إليها الاقتصادي الإنكليزي المعروف مالتوس فقد رأى أن سكان بريطانيا في عهده يتزايدون بصورة غير عادية، وأنه لابد لكى يحافظ الشعب البريطاني على سعة عيشة ورخائه المادي، ورفاهه الاقتصادي: أن يكون ازدياد عدد سكانه متمشيًا مع ازدياد موارد الرزق ووسائل المعيشة في بريطانيا.
والطريق التي اقترحها (مالتوس) لتحديد النسل هي أن لا يتزوج الأفراد إلا بعد أن تتقدم بهم السن، وأن يحاولوا التغلب على أهواء النفس وكبت نزواتها في الحياة الزوجية إذا تزوجوا.
وبعد مالتس الأنكليزي ظهر فرانسيس بالاس الفرنسي، ودعا في فرنسا بضرورة الحد من تزايد السكان، وكان رأيه الذي تقدم به لتحقيق هذا الغرض هو استخدام الآلات والعقاقير.
ثم قام في أمريكا الطبيب الشهير تشارلس نورتون وأصدر كتابه (ثمرات الفلسفة) الذي شرح فيه التدابير الطبية لمنع الحمل، وأشاد فيه بذكر المنافع الاقتصادية لتحديد النسل.
وقد تأسست في بريطانيا - على إثر ذلك جمعية برئاسة الطبيب دريسديل، وأصدرت كتبًا ورسائل للحث على تحديد النسل، وبعد ذلك بسنين ظهر كتاب (قانون عدد السكان) للسيدة بيسانت وفى سنة ١٨٨١ م وصلت حركة تحديد النسل إلى هولندا وبلجيكا وفرنسا وألمانيا، وانتشرت شيئا فشيئًا في سائر البلاد المتحضرة في أوروبا وأمريكا.