للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هنا حثت الشريعة على مبادئ القوة واتساع العمران وكثرة الأيدي العاملة، وعلى تهيئة ما تعمل فيه تلك الأيدي، وحثت على الزواج وامتن الله على الناس بنعمة البنين والحفدة كأثر من آثار الزواج وطمأن النفوس على الرزق كما ورد في قوله تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} (١) .

وكما جاء أيضًا في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ((تناكحوا تناسلوا تكاثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة)) .

فالله عز وجل كرم النبي آدم - عليه السلام - أولا بالسماح له بدخول الجنة ولما أقدم على مخالفة ما نهاه عنه أسكنه الأرض وسخر له ما فيها من حيوان ونبات وكل شيء أليس هذا بتكريم فالبارئ الخالق يقول في كتابه الكريم: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} (٢) .

قال عز وجل {أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} (٣) . وقال تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (٤) . فظلموا أنفسهم وإن الله عز وجل قد قدر مقادير كل شيء من خير وشر وحياة وموت. وهداية وضلال، قبل أن يخلق السماوات والأرض، وقال جل جلاله أيضا {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} (٥) . وقوله أيضا {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} (٦) . فهذه الآيات دليل قاطع بأن العزيز الغفار ما خلق الإنسان باطلا، فهو عالم بالأشياء قبل كونها، وكتابته للأشياء قبل برئها، وبالتالي هل يجوز للإنسان المؤمن بقدرة الله الذي لا ينام والذي يمسك السماوات بلا عمد أن يتكلم بتحديد النسل؟ ويشكو بأن الله ليس قادرًا على أن يطعم أبناءه؟ في حين أنه قد قدر له هو الأب قوت يومه فهل يجوز أن نشكو بأن الذي جعل من الماء كل شيء حي وأنزل من السماء ماء ليس قادرا على أن يغذي ذرة من سكان العالم؟ سبحانه الذي قال: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ} (٧) . وقال أيضا في كتابه الكريم: {وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا} (٨) . صدق الله العظيم، والله عز وجل يسقي العالم بأسره بعد أن خلقه بلا شك، فإنه القدير البديع القادر على أن يطعمه، قال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} (٩) . صدق الله العظيم.


(١) سورة النحل الآية ٧٢
(٢) سورة الكهف الآية ٥١
(٣) سورة الزخرف الآية ١٩
(٤) سورة القمر الآية ٤٩
(٥) سورة الفرقان الآية ٢
(٦) سورة الأعلى الآية ١، ٢، ٣
(٧) سورة الواقعة الآية ٦٨، ٦٩
(٨) سورة المرسلات الآية ٢٧
(٩) سورة الملك الآية ٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>