للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسوغات لتحديد النسل:

أولا: أن يكون الزوجان في الجهاد مثلا فيحتاط على ألا تحمل المرأة لأن من شأن حملها تعريضها للضعف وللخطر نتيجة لمشقة السفر والجهاد أو أن يمنعا الحمل خوفا من أن يولد مولود وهما في دار الحرب وليس عندهما من وسائل الراحة والصحة ما يطمئنان به.

ثانيًا: إذا أخبر طبيب ثقة أو أثبت بالتجربة أن الحمل أو الوضع يعرض حياة الأم أو صحتها للخطر فيجوز لها منعه لقوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (١) . وقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} (٢) .

ثالثًا: إذا خفنا على حياة الرضيع أو صحته من حمل جديد أو مولود جديد فيجوز منع الحمل في هذه الحالة حتى يزول هذا الخوف وقد سمى الرسول صلى الله عليه وسلم الوطء في حالة الرضاع وطء الغيلة (٣) . لأنه إن قدر فيه حمل فإنه سيؤدي إلى إفساد اللبن وبالتالي إضعاف الولد، وإنما سماه غيلة لكونه جناية خفية على الرضيع فأشبه القتل سرا.

رابعًا: إذا خشينا على الأولاد أن تسوء صحتهم أو تضطرب تربيتهم لأنهم إن كثروا ولم تكن إمكانيات الوالدين كبيرة فيصعب توفير التربية الضرورية المناسبة لهم من الناحية المعيشية والصحية والتعليمية.

شروط تحديد النسل:

إذا عرفنا أن هناك مسوغات لتحديد بقي أن نعلم الشروط التي يجب توافرها لمشروعية ذلك.

ذكر بعض العلماء أن تنظيم النسل ومنعه لا يجوز إلا إذا أذنت به الزوجة؛ لأن لها حقا في الولد وحقا في الاستمتاع وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه نهى عن العزل إلا بإذن الزوجة (٤) . وفى هذا دليل على أن الإسلام قد أعطى المرأة حقها في عصر لم يكن يعترف لها بحقوق فعلى الذين يصرخون وينادون بحقوق المرأة في هذه العصور أن يكونوا منصفين ويشيدوا بعظمة الإسلام.


(١) سورة البقرة الآية ٢/١٩٥
(٢) سورة النساء الآية ٢٩
(٣) راجع سنن الترمذي
(٤) هذا الحديث مرفوع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم عن طريق عمر بن الخطاب وقد أخرجه كل من الإمام أحمد وابن ماجه - راجع مسند الإمام أحمد ١/٣١ ونيل الأوطار ٦/٢٢١

<<  <  ج: ص:  >  >>