للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واشتراط إذن الزوجة في منع الحمل هو مذهب الحنفية قال صاحب الهداية "ولا يعزل عن زوجته إلا بإذنها لأن تحصيل الولد من حقها" وورد مثله عن الكمال بن الهمام (١) . غير أن المتأخرين من الحنفية أفتوا في زمانهم بجواز منع الولد لأحد الزوجين بغير رضا صاحبه إذا خيف على الولد السوء لفساد الزمان وهذا مبني على قاعدة تغير الأحكام بتغير الزمان (٢) .

أما الإمام الغزالي وجمهور الشافعية فيرون أن الولد من حق الوالد وحده فله إن شاء أن يحصله وله إن شاء أن يمنعه؛ لأن إثبات النهي إنما يكون بنص أو قياس على منصوص ولا نص ولا أصل يقاس عليه بل ههنا في الإباحة أصل يقاس عليه وهو ترك النكاح أصلا أو ترك الجماع بعد النكاح أو ترك الإنزال بعد الإيلاج فكل ذلك مباح وليس فيه إلا مخالفة الأفضل فليكن منع الحمل بالعزل وما يشبهه مباحا كما أبيح الزواج وترك المخالطة إلخ.. إلخ (٣) .

ويرى جمهور العلماء من فقهاء الأمصار أن منع الولد مكروه نظرا إلى حق الأمة فيه ونسب ذلك إلى عدد من الصحابة منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود؛ لأن فيه تقليل النسل وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الزواج تكثيرًا للنسل فقال: ((تناكحوا تكثروا)) (٤) .

ومن العلماء من ذهب إلى تحريم منع الولد مطلقا سواء أذن الزوجان في ذلك أم لا؛ لأنهم غلبوا حق الأمة في الولد على حق الوالدين، وقالوا: إن العزل فيه قطع النسل المطلوب شرعا من الزواج وفيه أيضا صرف السيل عن واديه مع حاجة الطبيعة إليه واستعدادها للإنبات والإثمار لما ينفع الناس ويعمر الكون، وينسب هذا المذهب إلى ابن حزم وابن حبان (٥) .


(١) راجع كتاب الإسلام عقيدة وشريعة لشيخ الأزهر محمود شلتوت ص ٢٢٢ وهذا المذهب أعني عدم جواز العزل بدون إذن الزوجة الحرة نقل غير واحد الإجماع عليه منهم ابن عبد البر ولا يصح راجع نيل الأوطار ٦/٢٢٢
(٢) راجع كتاب شلتوت الإسلام عقيدة وشريعة ص ٢٢٢
(٣) راجع الإحياء ٢/٥١
(٤) أخرجه البيهقي في المعرفة وغيره مرسلا وأسنده ابن مردويه في تفسيره عن ابن عمر وسند المرسل والمسند مضعف راجع الجامع الصغير ٣/٢٦٩
(٥) راجع نيل الأوطار ٦/٢٢٣. والمحلى ١٠/٧٠

<<  <  ج: ص:  >  >>