للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتكلم الدكتور عبد الرحيم عمران عن وجهة جديدة للتطور من الناحية السكانية حسب نظرية التطور الوبائي للسكان وهي نظرية تدرس التغيرات السكانية وأسبابها وآثارها حسب مبادئ علم الوبائيات، واعتمادًا على هذه النظرية قسم الدكتور عبد الرحيم عمران التاريخ إلى دورتين، الدورة القديمة والتي سبقت القرن السابع عشر والدورة الحديثة التي تلت ذلك حتى الآن.

ونظرته للدورة القديمة هي تطوير علمي لنظرية الدورات السكانية لابن خلدون، أما نظرته للدورة الحديثة فتعتمد على التفاعل بين العوامل الصحية والاجتماعية، وأشار الدكتور عمران إلى أنه لا يوجد تعارض في الإسلام بين الحث على الكثرة وبين الحث في الوقت نفسه على تنظيم الأسرة، إذ أن الهدف الأساسي هو المحافظة على التوازن الحيوي بين معدلات المواليد والوفيات في المجتمع، وبالتالي فقد كانت متطلبات العصور القديمة كثرة التوالد بسبب ارتفاع معدلات الوفيات وخاصة بين الأطفال، أما في العصور الحديثة ونتيجة لانخفاض معدلات الوفيات فقد قلت الحاجة إلى الكثرة من الإنجاب وبالتالي نشأت الدعوة لتنظيم الأسرة.

وأعرب الأستاذ عبد الكريم المراق عن هذه الفكرة بصورة أخرى فقال: (إن المجتمع متطور لأنه يضم كائنات بشرية حية نامية ومتطورة، وحاجة المجتمع إلى الدين هي نفسها متطورة بالنسبة التي يتطور بها المجتمع حتى لا يحصل الاختلال في التوازن الاجتماعي) وقال: (إن الدين صورة للمجتمع الذي ينتمي إليه) فإذا كان ذلك المجتمع في واقعه متميزًا بالصحة العقلية والقوة والمناعة كانت النظرة إلى الدين مستوحاة من هذا الواقع، والإسلام ثورة على الظلم والجهل، وهو لا يزال كذلك. وأضاف بأنه يصح القول بأن (الإسلام كمبادئ عامة يقوى ويضعف تبعًا لقوة أو ضعف الأفراد الذين ينتمون إليه) .

وفي النهاية أجمع المؤتمر بأسره تقريبًا على أن كثرة النسل، وإن كانت مرغوبة في الإسلام، تعني كثرة النسل الصالح لا كثرة النسل الفاسد، ومن ذلك قول السيد محمد ظفار أن (إنجاب أطفال أكثر أو أقل إنما يعتمد على الأوضاع والظروف، فأحيانا تجب زيادة السكان كما يجب إنقاصهم في أحيان أخرى لحفظ التوازن، ولدينا قواعد لكلتا الحالتين في كتب الفقه الإسلامي) .

<<  <  ج: ص:  >  >>