للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتوى الشيخ عبد الله القلقيلي

المفتي العام في المملكة الأردنية الهاشمية

بسم الله الرحمن الرحيم

لقد عظمت مخاوف العالم من تزايد عدد السكان في كل مكان، وصار الخبراء يعدون ذلك منذرًا بالويل والثبور وعظائم الأمور، ونظروا في وقاية العالم من شره المستطير، وبلائه الخطير، فوجدوا من أعظم ذلك تحديد النسل، لكنهم يعلمون أن اكثر الناس لا يقدمون عليه إلا إذا بين لهم حكم الدين فيه، ولذلك تطلع المسلمون إلى من يثقون به من علماء الدين، ليبينوا حكم الدين فيه، فتواردت علينا الأسئلة في هذه المسألة، ومن هذه الأسئلة ما هو من جهات رسمية، وهذه هي فتوانا فيه (١)

إنه من المعروف عن الشريعة الإسلامية السمحة أنها تساير الفطرة، وتجاري الطبيعة، قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} (٢)

وإن الفطرة التي فطر الله عليها الناس ومن سنن الطبيعة الزواج. وإنما المقصود من الزواج النسل، إذ به بقاء الأنواع، وقد أشارت الآية الكريمة إلى ذلك، وعدته من نعم الله على عباده، قال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} (٣) . فلهذا كان الزواج من سنن الشريعة الإسلامية وكان النسل من مقاصدها المستحبة المرضية، بل إن الشارع قد تشوف إلى كثرة النسل، وذلك لما في كثرة العدد من القوة والهيبة، وأسباب المنعة والعزة، كما قال الشاعر:

بالأكثر فيهم حصى

وإنما العزة للكاثر


(١) نشرت الفتوى لأول مرة في جريدة الدفاع ١٦/١١/٦٤ ثم وزعت في بيان صادر عن الإتحاد العالمي لتنظيم الوالدية في كانون الأول ١٩٦٤م
(٢) سورة الروم ٣٠
(٣) سورة النحل ٧٢

<<  <  ج: ص:  >  >>