للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيا: إن أستاذنا الدكتور حسان حتحوت أشار إلى عدة قضايا في غاية الأهمية لمخاطر الجري وراء المنع ونضيف إليها فنقول: إن الغرب الآن كما أشار إلى ذلك بعض الإخوة أيضا يستشعر مخاطر كثرة النسل بين المسلمين حيث إن نسبة الأطفال والشباب بين المسلمين تكاد تصل إلى سبعين بالمائة في حين أن نسبتهما في الغرب في حدود ثلاثين إلى أربعين بالمئة، فمعنى ذلك أن الغرب يسير نحو الشيخوخة؛ ولذلك تنبهت كثير من الدول الغربية منها فرنسا حيث خصصت عام ١٩٨٦ وبالتأكيد في ١٥/٦/١٩٨٦م على لسان وزير الشئون الاجتماعية خصصت مبلغ خمسة عشر مليارا وتسعمائة مليون فرنك فرنسي لتكثير النسل، واتخذت عدة وسائل تشجيعية لا نستطيع ذكرها الآن، أما ما نقول أو يقال في مشاكلنا الاقتصادية فالواقع ليست مرتبطة بكثرة النسل وإنما هي نابعة عن عدم الاستغلال أو عن عدم استغلال الكون كما ينبغي أو عن سوء الاستغلال أو عن سوء التوزيع، كما أشار إلى ذلك الأستاذ الفاضل الدكتور حسان، وكذلك أستاذنا الفاضل إبراهيم حيث أشار إلى ذلك بوضوح، كما عقب على ذلك أيضا الأستاذ الكريم الدكتور البار فجزاهم الله عنا خيرا.

ثالثا: إننا كنا نتوقع من الأبحاث التي ألقيت أن يقوم الباحث بالجمع والترجيح والتوجيه والمناقشة، بالإضافة إلى الجمع بين حديث العزل وحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم فيه: ((ذلك الوأد الخفي)) مع أن كثيرا من الإخوة الفضلاء ولا سيما الذين ألقوا البحث لم يشيروا حتى في بحثهم إلى ذلك مع أن ذلك حقيقة لابد من الجمع بينهما.

رابعا: إن العارضين ذكروا أن إجماع الفقهاء على حرمة الإجهاض بعد مائة وعشرين يوما مع أن العلم الحديث كما قال أستاذنا الدكتور حسان يقول بأن الحياة تبدأ بالتقاء الحيوان المنوي بالبويضة، وكنت أتوقع من الأستاذ الدكتور وهو خبير جوابا ولكن هذه المشكلة قد أرقتني وقد بحثت عنه ووصلت إلى جواب أعرضه على أصحاب الفضيلة والعلم مجرد عرض وهو أن ذلك في نظري: هناك فرق بين الحياة وبين الروح، فالحياة شاملة لجميع الحيوانات بل لبعض النباتات، بينما الروح خاصة بالإنسان، كما تشير إلى ذلك الآيات الكريمة {فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا} [الأنبياء: ٩١] من هذا الروح التي فيها صفات العلم وفيها صفات العقل ومنها التكليف وغير ذلك والتسخير التي لم يعط لأي جنس آخر.

إذن ممكن أن نجمع بين ما يقوله العلم الحديث وبين ما يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم إذ لا يمكن أن يكون هناك تعارض بين العلم الصحيح والحقائق العلمية دون النظريات بينما قاله الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، إذن فالجمع جدا ميسور في نظري والله أعلم.

هذا جانب والجانب الثاني أن فقهائنا الكرام ولا سيما الأصوليون لم يغفلوا عن ذلك، وقد أثبتوا الحياة وأهلية الوجوب الناقصة للجنين بمجرد استقراره في الرحم.

إذن من هنا أدركوا وقالوا: إن الحياة فيها مقدرة ومن هنا لا يكون لهم أن يقولوا لو قالوا بأن الحياة هي نفس الروح لما عارضوا الشريعة، ولما عارضوا الحديث لا سيما أن العلم لم يظهر آنذاك بهذه الصورة التي نحن نراها.

<<  <  ج: ص:  >  >>