للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المذهب الثاني – وجوب الوفاء بالوعد مطلقا

١٤- ذهب الفقيه المشهور ابن شبرمة رحمه الله إلى أن الوعد يلزم مطلقًا ويجب الوفاء به ويقضي القاضي به على الواعد إلا من عذر يمنع الوفاء (١) .

ومن أَجَلِّ من قال بهذا الرأي الخليفة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه (٢) .

وذكر البخاري في صحيحه أن هذا قول الحسن البصري، وأن القاضي سعيد بن عمرو بن الأشوع الهمداني قضى بوجوب إنجاز الوعد، وأن ابن الأشوع ذكر أن وجوب إنجاز الوعد مذهب الصحابي سمرة بن جندب رضي الله عنه، وأضاف البخاري بأنه رأي إسحاق بن راهويه وهو يحتج بحديث ابن الأشوع في القول بإنجاز الوعد (٣) .

ووجوب الوفاء بالوعد مطلقا مذهب بعض المالكية وإن وصفوه بأنه مذهب ضعيف (٤) وذهب إلى وجوب الوفاء بالوعد أبو بكر بن العربي المالكي (٥) وكذلك صححه ابن الشاط في حاشيته على الفروق (٦) .

وذكر ابن رجب الحنبلي أن عليه طائفة من أهل الظاهر (٧) وقال الإمام الغزالي الشافعي: إذا فهم الجزم في الوعد فلا بد من الوفاء إلا أن يتعذر (٨) وقد يفهم الجزم في الوعد إذا اقترب به حلف أو إقامة شهود على الواعد أو قرائن أخرى.

أدلة هذا المذهب

١٥- استدل القائلون بهذا المذهب بأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية:

الدليل الأول – قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} (٩) .


(١) المحلى ٨/٢٨
(٢) الأذكار ص٢٨٢ فتح الباري طبعة الحلبي ٦/٢١٩ مرقاة المفاتيح ٤/٦٥٣
(٣) انظر صحيح البخاري بهامش فتح الباري ٦/٢١٨ طبعة الحلبي وعمدة القاري ١٣/٢٥٨ وسعيد بن عمرو بن الأشوع الهمداني قاضي الكوفة في زمن إمارة خالد القسري على العراق بعد المائة للهجرة، وقد مات في ولاية خالد وقد عده ابن حبان في الثقات، وعده يحيى بن معين في المشهورين.
(٤) فتح العلي المالك ١/٢٥٦ الفروق ٤/٢٤
(٥) ذكر ذلك القرطبي في الجامع لأحكام القرآن ١٨/٢٩
(٦) انظر حاشية ابن الشاط على الفروق ٤/٢٤
(٧) جامع العلوم والحكم ص٤٠٤
(٨) إحياء علوم الدين ٣/١٣٣
(٩) سورة الصف آية ٢-٣

<<  <  ج: ص:  >  >>