للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل هناك فرق بين الوعد والعهد؟

لا شك أن هناك فرقا بينهما في اللغة، إذ العهد، يراد به الأمان واليمين والموثق والذمة والحفاظ والوصية، فتقول: عهد الله علي لأفعلن كذا (١) أما معنى الوعد في اللغة فهو ما تقدم، لذلك قيل للتفريق بين الوعد والعهد: إن العهد يراد به ما تعبد الله به من أمور الدين، أو ما يكون بين العباد مما يكون بخلفه إتلاف مال أو نفس، أو إدخال ضرر كثير. أما الوعد ففيما لا يتعلق ذلك به حق لمخلوق. أو ما لا يؤدي إلى إخلافه كثير ضرر، فمن نقض عهده فذلك من كبائر الذنوب ويبلغ به الهلاك، ومن أخلف وعده كان إثما ولا يبلغ فاعلوه إلى الكفر والهلاك (٢) . والله أعلم.

ومع ما نقلناه من خلاف بين العهد والوعد، فإن العسقلاني ذكر أنه قد يتحد معناهما (٣) . ولعل ما يؤيد هذا الرأي قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) فَلَمَّا آَتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٧٦) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} (٤) .

إذ بدأ الذكر الحكيم بقوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} فلما أخلفوا رتب عليهم ما رتب، ثم علله بقوله: {بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ} .


(١) انظر مختار الصحاح ص ٤٦٠
(٢) انظر كتاب المصنف المجلد الأول الجزء الثاني ص٢٠٠ تأليف أبي بكر أحمد بن عبد الله بن موسى الكندري، تحقيق عبد المنعم عامر والدكتور رجاء الله أحمد.
(٣) انظر فتح الباري١/ ٩٠
(٤) سورة التوبة آية ٧٥ - ٧٧

<<  <  ج: ص:  >  >>