للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيا: ومما استدل به هذا الفريق على قولهم: بأن الوعد غير ملزم، ما أخرجه أبو داود أنه عليه الصلاة والسلام قال: ((إذا وعد أحدكم أخاه ومن نيته أن يفي فلم يف فلا شيء عليه)) (١) .

وأجيب عن هذا الحديث بما أجيب به عن الحديث الذي سبقه.

ثالثا: ومما استدل به أصحاب هذا الرأي أيضا، أن الرجل إذا وعد وحلف واستثنى- بأن قال: إن شاء الله- فقد سقط عنه الحنث بالنص والإجماع المتيقن، فإذا سقط عنه الحنث، دل على أنه لم يلزمه فعل ما حلف عليه.

وبما أن الوعد لا يصح بدون استثناء لقوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (٢) .

دل على أن من وعد ولم يستثن، فقد عصى الله تعالى في وعده ذلك، ولا يجوز أن يجبر أحد على معصية، فإن استثنى فقال: إن شاء الله تعالى، أو: إلا أن يشاء الله تعالى، أو نحوه مما يعلقه بإرادة الله عز وجل، فلا يكون مخلفا لوعده إن لم يفعل (٣)

ويجاب على هذا الاستدلال، بأن الاستثناء في الوعد سنة وليس بواجب، ولم ينقل عن أحد من العلماء بأنه يحرم الوعد بغير استثناء، حكى القرطبي عن ابن عطية قوله " وتكلم الناس في هذه الآية في الاستثناء في اليمين، والآية ليست في الأيمان، وإنما هي في سنة الاستثناء في غير اليمين " (٤) .


(١) انظر عون المعبود شرح سنن أبي داود ٣٣٩/٣ وذكر ذلك صاحب الفروق أيضًا في ٢١/٤
(٢) سورة الكهف آية [٢٣]
(٣) انظر ابن حزم في المحلى ٣٠/٨
(٤) انظر الجامع لأحكام القرآن٣٨٥/ض

<<  <  ج: ص:  >  >>