للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- ومن السنة النبوية التي استدل بها القائلون: بوجوب الوفاء بالوعد ما أخرجه البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان)) وفي رواية: " من علامات المنافق ثلاث ... إلخ " (١) .

الدليل في هذه الأخبار، أن إخلاف الوعد قد عده النبي صلى الله عليه وسلم في خصال المنافقين، والنفاق مذموم شرعا، وقد أعد الله للمنافقين الدرك الأسفل من النار، حيث قال جل ثناؤه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} (٢) .

وعلى هذا يكون إخلاف الوعد محرمًا فيجب الوفاء به.

وقد صرف بعض شراح الحديث معنى النفاق الوارد في الروايات المذكورة عن حقيقته، فقالوا: إن المراد بإطلاق النفاق، الإنذار والتحذير للمسلم عن ارتكاب هذه الخصال أو اعتيادها والتي يخاف عليه أن تفضي به إلى حقيقة النفاق، وهذا المعنى حكاه الخطابي وارتضاه (٣) .

كما قال البعض منهم، بأن المراد بالحديث، المنافقون الذين كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فحدثوا بإيمانهم وكذبوا، وائتمنهم على سره فخانوه ووعدوه بالخروج معه للجهاد فأخلفوه. وقد روى محمد المحرم هذا التأويل عن عطاء، وأنه قال: حدثني به جابر، وذكر أن الحسن رجع إلى قول عطاء هذا عند بلوغه الخبر.

وقد رد ابن رجب الحنبلي على كلام محرم هذا بقوله: " هذا كذب والمحرم شيخ كذاب معروف بالكذب" (٤) .


(١) انظر العيني في عمدة القاري ٢٥٨/١٣، وكذا صحيح البخاري مع فتح الباري ٨٩/١، وكذا صحيح مسلم بشرح النووي ٤٧/٢
(٢) سورة النساء آية: ١٤٥
(٣) انظر فتح الباري ١/٩٠، عمدة القاري ١/٢٢٢
(٤) انظر جامع العلوم والحكم ص ٤٠٣

<<  <  ج: ص:  >  >>