للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدلوا ثانيا بحديث الصحيحين، عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ((أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر)) وحديث أبي هريرة الثابت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم: " من علامة النفاق ثلاثة وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان ". (١) .

وقد نوقشت أدلتهم من قبل الجمهور فقال ابن حزم: أما الحديثان اللذان صدر بهما فصحيحان إلا أنه لا حجة فيهما؛ لأنهما ليسا على ظاهرهما؛ لأن من وعد بما لا يحل، أو عاهد على معصية فلا يحل له الوفاء بشيء من ذلك، فصح أن ليس كل من وعد فأخلف أو عاهد فغدر مذموما ولا ملوما ولا عاصيا بل قد يكون مطيعا، فإذا كان ذلك كذلك فلا يكون فرضا من إنجاز الوعد والعهد إلا على من وعد بواجب عليه كإنصاف من دَيْنٍ أو أداء حق فقط.

وأيضا فإن من وعد وحلف (واستثنى فقط سقط عنه الحنث بالنص والإجماع المتيقن) فإذا سقط عنه الحنث لم يلزمه فعل ما حلف عليه، ولا فرق بين وعدٍ أقسم عليه وبين وعدٍ لم يقسم عليه.

والآية محمولة على ما يلزمهم. (٢) .

وناقش ابن حجر الجمهور في مستنده الإجماع فقال، نقل الإجماع في ذلك مردود فإن الخلاف مشهور لكن القائل به قليل (٣) .


(١) المحلى ٥-٣٤
(٢) المحلى ٥-٣٥
(٣) فتح الباري ٦-٢١٧

<<  <  ج: ص:  >  >>