وقد أشار العلامة محمد العزيز جعيط إلى أن هذا القول المشهور ليس مبنيا على أساس وجوب الوفاء بالوعد (أي أن في الوعد قوة ملزمة للواعد كما هو الشأن في العقد) بل هو مبني على عدم وجوب الوفاء به، وإنما قضي به في صورة ما إذا أدخله في شراء عقار أو تزوج امرأة أو غير ذلك، لأنه تسبب له في إنفاق مال قد لا يتحمله ولا يقدر عليه، رفعا للضرر عن الموعود المغرر به، وتقريرًا لمبدأ تحميل التبعة لمن ورطه في ذلك، إذ لا ضرر ولا ضرار (١) . (والخامس) إن كانت العدة مرتبطة بسبب، وجب الوفاء بها قضاء، سواء دخل الموعود في السبب أو لم يدخل فيه، وإلا فلا، فلو قال شخص لآخر: أعدك بأن أعيرك بقري ومحراثي لحراثة أرضك، أو أريد أن أقرضك كذا لتتزوج، أو قال الطالب لغيره: أريد أن أسافر أو أن أقضي دَيني أو أن أتزوج، فأقرضني مبلغ كذا. فوعده بذلك. ثم بدا له فرجع عن وعده قبل أن يباشر الموعود السبب الذي ذكر من سفر أو زواج أو وفاء دَين أو حراثة أرض ... إلخ، فإن الواعد يكون ملزمًا بالوفاء، ويقضى عليه بالتنفيذ جبرا إن امتنع. أما إن كانت العدة على غير سبب، كما إذا قلت: أسلفني كذا، ولم تذكر سببًا، أو أعرني دابتك أو بقرتك ولم تذكر سفرًا ولا حاجة، فقال: نعم. أو قال الواعد من نفسه: أنا أسلفك كذا أو أهب لك كذا ولم يذكر سببا، ثم رجع عن ذلك، فلا يلزم بالوفاء بها.