للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ب) المواعدة

٦- المواعدة في اللغة: تعني نشوء وعدين متقابلين من شخصين، فهذا يعد فلانا، والآخر يعده بكذا في مقابلة ذلك.

٧- أما في الاصطلاح الفقهي فهي عبارة عن " إعلان شخصين عن رغبتهما في إنشاء عقد في المستقبل تعود آثاره عليهما". وأكثر الفقهاء استعمالا لهذا المصطلح المالكية، وقد عبر عنها في النكاح الحطاب بقوله: " المواعدة أن يعد كل واحد منهما صاحبه بالتزويج فهي مفاعلة، لا تكون إلا من اثنين، فَإِنْ وعد أحدهما دون الآخر، فهذه العدةُ " (١) .

وبهذا افترقت " المواعدة " عن " العدة " من حيث كون الأولى لا تنشأ إلا باجتماع رغبة طرفين، بينما تتم " العدة" بإعلان الرغبة من طرف واحد.

وقد ذكر الفقهاء المواعدة في مسائل عديدة منها: المواعدة على النكاح في العدة، والمواعدة في الصرف، والمواعدة على بيع الطعام قبل قبضه، والمواعدة على البيع وقت نداء الجمعة، والمواعدة على بيع ما ليس عند الإنسان (٢) .

ومع أن الفقهاء اتفقوا على عدم مشروعية بعضها، كالمواعدة على النكاح في العدة، واختلفوا في جواز بعضها الآخر كالمواعدة في الصرف ونحوها، فإنه لم ينقل عن أحد منهم- سواء أكان من المجيزين أو من المانعين – قول بأن في المواعدة قوة ملزمة لأحد المتواعدين أو لكليهما؛ لأن التواعد على إنشاء عقد في المستقبل ليس عقدًا، وفي ذلك يقول ابن حزم: " والقواعد والتواعد في بيع الذهب بالذهب أو بالفضة، وفي بيع الفضة بالفضة وفي سائر الأصناف الأربعة بعضها ببعض جائز، تبايعا بعد ذلك أو لم يتبايعا؛ لأن التواعد ليس بيعا " (٣) .

على أن المتواعدين لو اتفقا على أن يكون العقد الذي تواعدا على إنشائه في المستقبل ملزمًا للطرفين من وقت المواعدة، فإنها تنقلب إلى عقد، وتسري عليها أحكام ذلك العقد، إذ العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني.


(١) مواهب الجليل ٣/٤١٣
(٢) انظر إيضاح المسالك للونشريسي ص٢٧٨، شرح الخرشي ٥/٣٨، القوانين الفقهية ص٢٥٥، المقدمات الممهدات ص ٥٠٧، الأم ٣: ٢٧، إعداد المهج للاستفادة من المنهج لأحمد بن أحمد المختار الشنقيطي ص١٩٥، المنهج إلى المنهج لمحمد الأمين بن أحمد زيدان الجكني ص ٩٠، المواق على خليل ٣/٤١٢
(٣) المحلى لابن حزم ٨/٥١٣

<<  <  ج: ص:  >  >>