للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حجة الإسلام محمد علي التسخيري:

شكرا سيدي الرئيس، أعتقد أن هناك حالات متصورة للوعد. هناك حالة خفيفة- إذا صح هذا التعبير – الوعد العادي الذي يعد به مسلم مسلما وهناك حالة الوعد الذي يعقده على نفسه فيلتزم به بقوة دون أن يترتب على نقضه أثر، وهناك حالة ثالثة، هذا الوعد المعقود بقوة مع ترتب أثر من نوع ما على نقضه، الحالة الرابعة الوعد المعطى كشرط ضمن عقد من العقود، فهل الوعد في كل هذه الحالات ملزم، أو يختص الإلزام ببعضها دون بعض؟.

إذا أردنا أن نطرح الأدلة نجد أن أهمها اثنان: الأول أدلة الوفاء بالوعد وهي كثيرة وواضحة ولا داعي لذكرها، إلا أنه يقال في قبالها كما سمعتم: إن اللزوم فيها أخلاقي دياني محض وليس فيها إلزام تكليفي أو وضعي.

الشيء الثاني قوله تعالى {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١] بناء على تفسير العقود بالعهود إلا أن الظاهر فيها أنها تركز على العهود العقدية أو العهود التي فيها التزامات قوية فلا تشمل النوع الأول " الوعد العادي" قطعا كما تشمل النوع الرابع الممضي شرعا، وهو الوعد المعطى كشرط ضمن عقد من العقود وفي شمول هذه الآية للنوعين الوسطيين كلام.

قيل إن العقد عهد موثق كما حكي عن الكشاف، ورأى آخرون أن التوثيق ليس من جملة معناه فيكفي الرابط بأي نحو كان، وفسروا العقد بالمعنى الاستعاري بأنه يطلق المعاملة بإحال الرابط الاعتباري المتبادل، الظاهر من الآية في رأيي- والله تعالى أعلم- الشمول للنوعين الوسطيين وإن كان هناك إجماع مدعى لدينا على خروجهما من دائرة شمول الآية باعتبار عدم الإلزام الشرعي فيهما. ولما كان خروج هذه الأنواع الثلاثة يعني تخصيص الأكثر وهو مستهجن عرفا فإن ذلك يوضح أن الآية لم تشمل من الأول منذ البدء إلا النوع الرابع وهو الشرط المتضمن في عقد. ولكن كما أعتقد أننا لو سلمنا الإجماع المدعى لا نسلم بأن خروج الكثير من أفراد قاعدة ما مع بقاء كثير من الأفراد أمر مستهجن لغويا. ولذلك نبقى مع هذا الظهور ومثل هذا الإجماع لم يثبت لدينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>