للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدكتور علي محيي الدين القرة داغي:

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين.

أشكر الإخوة الفضلاء سواء كانوا العارضين أم المعلقين والمتداخلين فجزاهم الله عنا خيرا. حقيقة أيضا أنا أضم صوتي إلى الأستاذ الفاضل في أنه ليس هناك داع إلى أن يذكر لفظ العدة أو موضوع العدة في مكان والوعد في مكان آخر لأنهما حقيقة كما قال الأخ الكريم بمعنى واحد ولا أريد التفصيل في ذلك والسلفيون قالوا: العدة هي الوعد فحذفت الواو تخفيفا وعوضت عنها بالتاء، فإذن فالمعنى واحد يجب أن يذكرا في مكان واحد.

ثانيًا: كنت أحب أيضا من بعض الإخوة ولا سيما الأخ الباحث القدير الأستاذ الفاضل الدكتور نزيه أن يذكر رأيه الخاص في هذا الموضوع ولكنه أراد أن يترك هذا الرأي للمجمع الموقر أو للمناقشة.

ثالثا: في اعتقادي أنه يجب أن تبحث هذه المسألة من حيث أصولها وجذورها مع احترامي لكل الآراء الفقهية التي قيلت ولكن أيضا يجب الرجوع في ذلك إلى المصدر الأصلي وهو الكتاب والسنة بالإضافة إلى الجانب الفني والعلمي والتنظيري في هذه المسألة، وهي قضية مصدر الالتزام، ما مبنى أو ما هو مصدر الالتزام في الشريعة الإسلامية؟ إذا كان مصدر الالتزام هو الالتزام في القوانين الوضعية ومن هنا يكون من المعقول جدًا أن يكون الالتزام أو أن تكون دائرة الالتزام محصورة بين العاقدين باعتبار التزم لأنك أيضا تلتزم. أما إذا كان مصدر الالتزام في الشريعة الإسلامية هو الأوامر والنواهي أو الشريعة فلا بد حينئذ أن نرجع مرة أخرى إلى هذه الشريعة هل توجب الوفاء بالعقود أو لا؟ فإذا كنا نحن المسلمين قد أقررنا بأن مصدر الالتزام هو الشرع فيجب أن نقول بالوفاء بالوعد لأن الأدلة ظافرة وناطقة على حرمة المخالفة بالوعد فالمفسرون أو جمهورهم فسروا العقود في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١] بكل التزام سواء كان هذا الالتزام دينيا أم دنيويا وسواء كان هذا الالتزام له مقابل أو ليس له مقابل كما ذكره الطبري والقرطبي وغيرهما. هذا جانب.

جانب ثان أيضًا فإن الناحية الدينية والأخلاقية لا خلاف بين الفقهاء، ولا سيما المحدثين في حرمة مخالفة الوعد وبالتالي يكون الالتزام واجبًا إلا في حالة الضرورة، وإلا فكيف نفسر كل هذه الآيات والأحاديث الدالة على الترهيب والتحذير من مخالفة الوعد وجعلها من علامات النفاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>