للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الصورة من البيوع (بيع المرابحة) جائزة بلا خلاف بين أهل العلم، كما ذكره ابن قدامة (١) ، بل حكى ابن هبيرة (٢) : الإجماع عليه، وكذا الكاساني (٣) .

والخلاف في الكراهة تنزيها، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى، وروي عن ابن عمر، وابن عباس رضي الله عنهم، وعن الحسن، ومسروق وعكرمة، وعطاء بن يسار رحمهم الله تعالى.

وقد علل الكراهة تنزيها بأن فيه جهالة، فيما إذا قال: بعتكه برأس ماله مائة ريال، وربح درهم في كل عشرة، فالجهالة أن المشتري يحتاج إلى جمع الحساب ليعلم مقدار الربح، لكن هذه الجهالة مرتفعة؛ لأنها تعلم بالحساب، بل لا ينبغي وصفها بالجهالة، وليس فيها تغرير ولا مخاطرة.

وهذه العلة هي مستند ما يحكى عن ابن راهويه رحمه الله تعالى، من قوله بعدم الجواز.

وقد علمت ارتفاعها بالحساب، على أن من وراء ذلك الوقوف على صحة السند للمروي.

فصح الاتفاق إذًا حكمًا على الجواز، وطردًا لقاعدة الشريعة من أن الأصل في المعاملات الجواز والحِلّ حتى يقوم دليل على المنع.

هذا هو بيع المرابحة المسطر في كتب أهل العلم تحت هذا اللقب في: أبواب البيوع، وفي مطاويه صور وفروع، وما زال الناس يتوارثون العمل به في معاملاتهم بأسواقهم من غير نكير.

لكن هذه الصورة غير مرادة في هذه الرسالة، وإنما جاء الحديث عنها للاشتراك اللفظي مع (بيع المرابحة للآمر بالشراء) في صورته الحادثة المتعامل بها في المصارف الإسلامية، لينظر:

هل يشتركان في الحكم: الجواز، كما اشتركا في الاسم أم أن حكمه التحريم بإطلاق أم بتفصيل؟ هذا ما ستراه إن شاء الله تعالى في أبحاث هذه الرسالة.


(١) المغني: ٤/٢٥٩
(٢) الإفصاح: ٢/ ٣٥٠
(٣) بدائع الصنائع: ٧/٩٢

<<  <  ج: ص:  >  >>