للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدلة أصحاب هذا الرأي:

استدل أصحاب هذا الرأي بنصوص من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.

١- فمما استدلوا به من الآيات القرآنية قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (١) .

وجه الاستدلال من الآية: إن العقود تعني المربوط واحدها عقد، يقال عقدت العهد والحبل، والعقد، هو كل ما عقده المرء على نفسه من بيع وشراء وإجارة وكراء ومناكحة وكل ما كان غير خارج عن الشريعة وكذا ما عقده الإنسان على نفسه لله من الطاعات، قال الزجاج: " المعنى أوفوا بعقد الله عليكم وبعقدكم بعضكم على بعض" (٢) . ويستدل أيضا بقوله عليه الصلاة والسلام: ((المؤمنون عند شروطهم)) . ولما كان الوعد مما ألزم به الإنسان نفسه، فعلى هذا يلزمه الوفاء.

واستدلوا أيضا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} (٣) .

فالوعد إذا أخلف، قول نكل الواعد عن فعله، فيلزم أن يكون كذبا محرما وأن يحرم إخلاف الوعد مطلقا (٤) .

كما استدل هذا الفريق من العلماء بالآيات التي أثنى الله فيها على من بر بوعده وأوفى بعهده، منها قوله تعالى: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا} (٥) وقوله: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} (٦) . ومدح إسماعيل لصدقه في وعده بقوله عز شأنه: {إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} (٧) .

وقد حمل أصحاب المذهب الأول هذه الأدلة على الندب والاستحباب.

٢- ومن السنة النبوية التي استدل بها القائلون: بوجوب الوفاء بالوعد، ما أخرجه البخاري ومسلم (٨) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان)) وفي رواية ((من علامات المنافق ثلاث ... إلخ)) وفي رواية أخرى ((آية المنافق ثلاث ... وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم)) وورد في البخاري ((أربع من كن فيه كان منافقًا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر)) .


(١) سورة المائدة آية ١
(٢) انظر القرطبي في الجامع لأحكام القرآن ٣٣/٦
(٣) سورة الصف آية ٢-٣
(٤) انظر القرافي في الفروق٢٠/٤
(٥) البقرة آية ١٧٧
(٦) النجم آية ٣٧
(٧) مريم ٥٤
(٨) انظر العيني في عمدة القاري ٢٥٨/١٣وكذا صحيح البخاري مع فتح الباري ٨٩/١وكذا صحيح مسلم بشرح النووي ٤٧/٢

<<  <  ج: ص:  >  >>