للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويذكر الأستاذ الدكتور القرضاوي أن مجلة الأحكام العدلية عدلت عن قول أبي حنيفة ومحمد المفتى به في المذهب، والذي يجعل الخيار للمستصنع بعد إنجاز المصنوع رغم أنه مطابق للمواصفات المتفق عليها، وأخذت بقول أبي يوسف فيما يراه بعدم الخيار وإلزامه بأخذ المصنوع، وهذا ما نصت عليه المادة ٣٩٢ من مجلة الأحكام العدلية (١) .

وقد نقل الدكتور القرضاوي التقرير الذي قدمت له مجلة الأحكام العدلية بالنسبة لهذه المادة وهو التقرير الذي نرى الفائدة في نقله عنه كما أورده حيث جاء فيه ما يلي:

" وعند الإمام الأعظم (أبي حنيفة) أن المستصنع له الرجوع بعد عقد الاستصناع،وعند الإمام أبي يوسف – رحمه الله تعالى – أنه إذا وجد المصنوع موافقًا للصفات التي بينت وقت العقد فليس له الرجوع، والحال أنه في هذا الزمان قد اتخذت معامل كثيرة تصنع فيها المدافع والبواخر ونحوها بالمقاولة، وبذلك صار الاستصناع من الأمور الجارية العظيمة، فتخيير المستصنع في إمضاء العقد أو فسخه يترتب عليه الإخلال بمصالح جسيمة ... لزوم اختيار قول أبي يوسف – رحمه الله تعالى في هذا – مراعاة المصلحة الوقت، كما حرر في المادة الثانية والتسعين بعد الثلاثمائة من هذه المجلة (٢) .

ولعل في هذا النقل المتوسع فيه بعض الشيء دليلًا ينير الطريق أمام بصائر البعض ممن يصرون على موقف التشدد الذي قد تضيع معه حقوق الناس وتنعدم ظروف الاستقرار في المعاملات وما يؤدي إليه ذلك من خسائر تعود على المجتمع بأفدح الأضرار.

وإنه تبعًا لذلك، فإن على من يقول بعدم الإلزام في الوعد أن لا يسقط من اعتباره مبادئ الشريعة الإسلامية العادلة التي منعت الإضرار بالناس، بل إن الشريعة تمنع إضرار الإنسان بنفسه علاوة منع إضرار الإنسان بأخيه الإنسان.

فهل تسمح قواعد شريعة العدل والإحسان أن يأتي إنسان بالسلعة المطلوبة بناء على وصف محدد من الآمر طالب الشراء وكما يراه ويرغبه ثم يبادر هذا الآمر بالنكول والعدول لسبب أو بلا سبب لكي يقع المأمور في الضرر؟


(١) بيع المرابحة للآمر بالشراء كما تجريه المصارف الإسلامية صفحة ١٠٦
(٢) بيع المرابحة للآمر بالشراء كما تجريه المصارف الإسلامية , صفحة ١٠٦

<<  <  ج: ص:  >  >>