للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويصح أن يكون الربح في صورة مبلغ مقطوع، أو في صورة نسبة من الثمن الأول، مئوية أو غيرها، لأن المال واحد. وما دام هذا البيع من بيوع الأمانة، فعلى البائع أن يكون أهلا لتحمل هذه الأمانة، ومحترزا من الخيانة أو شبهتها. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (الأنفال ٢٧) . وقد نص الفقهاء على أن السلعة إذا كان ثمنها في السوق أرخص، لسبب أو آخر كحوالة الأسواق (= تغير الأسعار) ، وجب على البائع إخبار المشتري به منعا للتغرير وإخفاء المعلومات عن المشتري وربما لم يوجبوا على المشتري إخبار البائع بثمن السوق إذا كان أغلى، لافتراض أن البائع يعلم ثمن سلعته في السوق، وهو راض بثمن العقد.

والدافع إلى هذا النوع من البيوع هو أن المشتري قد يكون جاهلا بالسلع وأثمانها، يخشى الغبن في المساومة، أو ليس لديه الوقت الكافي للتحري والتجول على الباعة والمماكسة. هذا إذا كانت المرابحة حالّة، أما إذا كانت مؤجلة، فيستفيد المشتري أيضا من الأجل، ولكن هذا الأجل ليس للمرابحة علامة مميزة لها عن المساومة، فبيع المساومة يمكن أيضا أن يكون مؤجلا.

ومن أراد مرجعا حديثا في موضوع المرابحة أمكنه الرجوع إلى كتاب الدكتور عبد الحميد البعلي " فقه المرابحة في التطبيق الاقتصادي المعاصر "، أو كتاب الدكتور أحمد علي عبد الله " المرابحة أصولها وأحكامها وتطبيقاتها في المصارف الإسلامية " (رسالة دكتوراة) .

بيع المرابحة للآمر بالشراء كما في المصارف الإسلامية

تلك هي بإيجاز المرابحة في الفقه المأثور. أما المرابحة المطبقة اليوم في المصارف الإسلامية، والمسماة بـ" بيع المرابحة للآمر بالشراء" أو لـ" الواعد بالشراء "، فهي أن يتقدم الراغب في شراء سلعة إلى المصرف، لأنه لا يملك المال الكافي لسداد ثمنها نقدا، ولأن البائع لا يبيعها له إلى أجل، أما لعدم مزاولته للبيوع المؤجلة، أو لعدم معرفته بالمشتري، أو لحاجته إلى المال النقدي، فيشتريها المصرف بثمن نقدي ويبيعها إلى عميله بثمن مؤجل أعلى. ويتم ذلك على مرحلتين.

مرحلة المواعدة على المرابحة، ثم مرحلة إبرام المرابحة. وهذه المواعدة ملزمة للطرفين (المصرف، والعميل) في بعض المصارف الإسلامية، وغير ملزمة للعميل في بعض المصارف الأخرى. فإذا اشترى المصرف السلعة كان العميل بالخيار، إن شاء اشترى وإن شاء ترك. ويفهم من هذا أن المصرف لا يلتزم بشراء السلعة، ولكنه إذا اشتراها التزم ببيعها إلى العميل إذا اختار العميل شراءها. ولكن المصرف يحرص على شراء السلعة حفاظا على سمعته.

<<  <  ج: ص:  >  >>