للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبدو أن ابن عابدين قد استخدم أيضا المرابحة بمعنى الربح لأجل الأجل. قال " إذا قضى المديون الدين قبل الحلول، أو مات (فحل بموته) فأخذ من تركته فجواب المتأخرين أنه لا يأخذ من المرابحة (أي من الربح المقابل للأجل) التي جرت بينهما إلا بقدر ما مضى من الأيام" (الحاشية ٥/١٦٠ والعقود والدرية ١/٢٧٨) .

وأوضح هذا الشيباني النحلاوي فقال: " صورته: اشترى شيئا بعشرة نقدا، وباعه لآخر بعشرين إلى أجل هو عشرة أشهر، فإذا قضاه بعد تمام خمسة أشهر، أو مات بعدها، يأخذ خمسة ويترك خمسة " (الدرر المباحة ٥٣) .

فكيف يقال بعد هذا إن المرابحة المصرفية عملية مستحدثة؟

بل لقد روى الإمام مالك في الموطأ ٢/٦٦٢، في باب النهي عن بيعتين في بيعة، أنه بلغه أن رجلًا قال لرجل: ابتع لي هذا البعير بنقد، حتى أبتاعه منك إلى أجل، فسئل عن ذلك عبد الله بن عمر، فكرهه ونهى عنه.

وهذا مطابق تماما للمرابحة المصرفية، إذا كان الوعد فيها ملزمًا، وسيأتي الكلام عنه في هذه الورقة.

المرابحة المصرفية الملزمة غير جائزة بإجماع المذاهب الأربعة

قررنا آنفا أن المرابحة المصرفية الملزمة ليست مستحدثة، وهاك آراء الفقهاء من المذاهب الأربعة التي أجمعت على عدم جوازها.

١ – من الفقه المالكي:

روى الإمام مالك في الموطأ ٢/٦٦٣، باب النهي عن بيعتين في بيعة: أنه بلغه أن رجلا قال لرجل: ابتع لي هذا البعير بنقد، حتى ابتاعه منك إلى أجل، فسئل عن ذلك عبد الله بن عمر، فكرهه ونهى عنه.

وقال ابن جزي في القوانين الفقهية ص٢٨٤: " إن العينة ثلاثة أقسام الأول: أن يقول رجل لآخر: اشتر لي سلعة بعشرة، وأعطيك خمسة عشر إلى أجل، فهذا (ربا) حرام. والثاني: أن يقول له: اشتر لي سلعة، وأنا أربحك فيها ولم يسم الثمن، فهذا مكروه. والثالث: أن يطلب السلعة عنده فلا يجدها، ثم يشتريها الآخر من غير أمره، ويقول: قد اشتريت السلعة التي طلبت مني، فاشترها مني إن شئت، فهذا جائز ". وانظر ابن رشد في المقدمات ص ٥٣٨، والباجي في المنتقى ٥/٣٩، والشرح الكبير للدردير ٣/٨٩، والكافي لابن عبد البر ٢/٥٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>