للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حد التباس المرابحة بالمراباة

في ضوء ما ذكرناه في " كواشف المرابحة " كلما كان الجواب بالأول لا بالثاني كان الفرق أوضح بين المرابحة والمراباة، وكلما تزايدت الأجوبة بالثاني غمض الفرق بينهما وتضاءل إلى حد قد يصل إلى التلاشي الكامل.

وربما وصل الأمر إلى ما هو أسوأ من الربا، وذلك في حالات الربا الحرام عن طريق الحيل، فالحيلة لا تحل الربا بل تزيده حرمة، ففي الحيلة معنى الاستهزاء والسخرية، نعوذ بالله.

ولعل هذا الاتجاه الشكلي في الفتوى أو في التطبيق هو الذي كان وراء توجه المصارف الأجنبية إلى المرابحة واستساغتها لها، فهي تضيف على المشتري نسبة إلى الثمن النقدي، لا تختلف كثيرا في المحصلة عن خصم نسبة من الثمن المؤجل، عن البائع.

يقول الدكتور سامي حمود: " تنبهت البنوك الأجنبية إلى صورة بيع المرابحة للآمر بالشراء، وأحدثت صورا من التعامل الذي تتوسط فيه لشراء سلع أو معادن، بالنقد، من طرف، لبيعها إلى طرف آخر بالأجل، بفارق ربح يتوازى مع أسعار الفائدة الرائجة. وقد اجتذبت هذه الطريقة مئات الملايين من أموال البنوك الإسلامية والمستثمرين الإسلاميين، بسبب توافر المواد، وانتظام الأسواق" (حمود: تطبيقات ص١١) .

ويقول أريك ترول شولتز: " كما يظهر في التقرير السنوي لسنة ١٩٨٥م، فإن التجربة العملية للمصرف الإسلامي الدولي الدانماركي، في ضوء أهدافه المزدوجة، قد أثبت أن أي مصرف دانماركي يمكن أن يتعامل بموجب الشريعة الإسلامية تماما " (شولتز ص٣) .

وذكر الدكتور منذر قحف " أن عددا من المصرفيين الغربيين الذين شاركوا في ندوة لندن ٣١/١٠- ١ / ١١/١٩٨٥م لم يروا فيه (أي في بيع المرابحة) اختلافا عن التمويل الربوي إلا من حيث الشكل (قحف ص٨) .

لا ريب أن التحول من الاقتصاد الربوي إلى الاقتصاد الإسلامي أصعب مما يتصوره هؤلاء الغربيون، وهؤلاء الذين يعتقدون أن الأمر لا يحتاج لأكثر من محاولات إضفاء الشرعية على قوانين الغرب وأعرافه وتقاليده، على علم بهذه القوانين والأعراف والتقاليد أو على غير علم بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>